تعلمنا في أبجديات الإعلام وأخلاقيات المهنة الصحفية أن أي "إنجاز" يجب أن يكون ضمن قيم وأخلاقيات المهنة، وأنك كإعلامي يجب ألا تلجأ إلى أي خطوة من شأنها الإضرار بزملائك في المهنة، بل عليك أن تتكاتف معهم من أجل تحقيق مكاسب للصحافة كمهنة وليس لك كصحفي أو كمؤسسة أو منظمة صحفية على حساب زملائك في الحقل.
تعلمنا أن "الانتصار" الحقيقي للصحفي هو أن يحقق مكاسب للصحافة عموما وأن يستغل علاقاته بالسلطة وأصحاب النفوذ لخدمة تطلعات الصحفيين وتحقيق أهدافهم المشروعة وخدمة مؤسساتهم ومنظماتهم وليس لخدمة ذاته ومصالحه أو من يضمه وإياه "تجمع" واحد، لأن التنافس السلبي يخلق القطيعة والصدام وتسميم الأجواء وليس ذلك من مهام الصحفي المهني النزيه.
تعلمنا أن الصحفي "لا يستغل علاقاته أو نفوذه لأغراض شخصية" وأنه "يتعامل باحترام ورحابة صدر مع زملائه المخالفين له في الرأي"، كما "يلتزم بالعمل على تحقيق تضامن أخوي فعلي وروح الزمالة بين أصحاب المهنة"، و "يلتزم بالابتعاد عن أية ممارسة قد توقع بعض زملائه في مشاكل مهنية تفضي إلى حرمانهم من ممارسة العمل الصحفي أو من كل أو بعض حقوقهم".
كما تعلمنا أن الصحفي يمتنع عن السعي لاحتلال منصب زميله بقبوله شغله في ظروف أسوأ أو " أو مقابل أجر"، والأجر هنا يختلف من مادي إلى ارتهان معنوي رخيص.
و تعلمنا في مواثيق أخلاقيات المهنة كذلك أن الصحفي "يبتعد عن كل ممارسة ذات طابع تشهيري، أو قذف أو تجريح، حتى ولو كانت ستدر عليه أموالا طائلة ومكاسب غير مسبوقة".
على مثل هذا الميثاق يوقع الصحفي المهني، هنا في موريتانيا وخارجها، ولكن أين "نحن" من مثل هذه الأخلاقيات النبيلة التي تكاد تصبح في حكم "البائدة"؟!
من الصعب على الصحفي المهني أن يغالط السلطة والرأي العام لأجل مكاسب شخصية أنانية وعلى حساب زملائه، وليس من "اختصاصه" الولوغ في "دماء" و "أعراض" زملائه تقربا لهذا النافذ أو ذاك بغية تحقيق مطامع شخصية له ولمؤسساته على حساب زملائه في المهنة، لأننا في هذه الحالة نكون قد قتلنا كل قيم ومواثيق أخلاقيات شرف المهنة ومارسنا مهنة التفاهة بكل تجلياتها ورهنّا مهنة صاحبة الجلالة بيد من نتودد إليهم ليمنحوننا تلك "المكاسب" الأنانية الرخيصة مهما كانت مواقعهم.
إننا في موريتانيا بحاجة ماسة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى إعادة صياغة مدونة لأخلاقيات مهنة الصحافة، إلى جانب ما تحقق في مجال التشريعات ذات الصلة، و ذلك حتى لا نقع نحن الممارسون، أو تقع الجهات الرسمية المعنية في أخطاء جسيمة من شأنها القضاء على ما تبقى من أخلاقيات المهنة الصحفية في بلدنا.
ولنا عودة .... بإذن الله
أحمد مولاي امحمد / إعلامي