موريتانيا: الرئيس يزور مناطق الشرق لاستعراض شعبيته قبل الحوار

اثنين, 04/25/2016 - 07:43

يلف الضباب هذه الأيام المشهد السياسي الموريتاني بسبب توقف الحوار بين النظام والمعارضة، وإن كان هذا المشهد مقبلاً على حراك جديد يتمثل في زيارة وصفت بـ»هامة جداً»، سيقوم بها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز يوم الثالث من أيار/ مايو المقبل لمدينة النعمة عاصمة الشرق الموريتاني لتدشين مشروعات والحديث في مهرجان يجمع الناس له حالياً، ولاستعراض شعبيته التي شككت المعارضة فيها خلال مهرجاناتها الأخيرة.
وحسبما يراه المراقبون فإن زيارة الرئيس الموريتاني لمدينة النعمة التي تجري تحضيرات سياسية كبيرة لها والتي ينتظر أن يحضر السلك الديبلوماسي المعتمد في نواكشوط جوانب منها، تندرج ضمن حرب المهرجانات والمهرجانات المضادة المشتعلة منذ أشهر بين النظام والمعارضة والتي أججتها قضية تعديل الدستور وزيادة المأموريات الرئاسية المطروحة في الساحة رغم نفي السلطات سعيها لذلك.
ومع أن المشهد يسير هذا المسار، فإن الحديث عن التحضير لإطلاق حوار جديد من طرف النظام لم يتوقف ولم يغب عن القنوات ولا عن أنهر المواقع الألكترونية ولا عن صفحات التواصل. وفي ذلك الإطار، نقل موقع «زهرة شنقيط» الإخباري المستقل عن مصادره «أن الحوار السياسي سينطلق بعد القمة العربية مباشرة ما بين 1 و و5 آب/أغسطس القادم».
وأشارت «زهرة شنقيط» إلى «أن أطرافاً فاعلة فى المعارضة الموريتانية ستشارك في هذا الحوار بينما ستقاطعه أطراف أخرى».
وأوضحت المصادر ذاتها «أن الأغلبية تتوقع مشاركة أحزاب التحالف الشعبي التقدمي وحزب الوئام والتحالف الديمقراطي والكتلة المنسحبة من حزب التكتل (يتزعمه أحمد ولد داده) وبعض الفاعلين في حركة «إيرا» (ناشطة في مكافحة الرق)، وحزب المستقبل المعارض (جناح ولد بربص)».
وذكر موقع «زهرة شنقيط» الإخباري «أن الأغلبية ستلتزم بإجراء تحسينات جديدة على قانون الانتخابات بغية إقناع حزبي «تواصل» الإسلامي و»قوى التقدم» بالمشاركة في الحوار للاستفادة من مخرجاته، وخصوصاً ما يتعلق منها بالانتخابات التشريعية والبلدية». وأكد الموقع نقلاً عن مصادره «أن الحوار ستقوده لجنة مشتركة من أحزاب الأغلبية والمعارضة والحكومة، وسينعقد بقصر المؤتمرات فى العاصمة نواكشوط مستهل آب أغسطس القادم».
وضمن الأحاديث الخاصة بالحوار المفقود، أكدت أسبوعية «لوكلام» المستقلة «أن الحكومة الموريتانية يمكن أن تطلق حواراً سياسياً عما قريب، لكن السؤال المشكل، تضيف الصحيفة في تحليلها، هو مع من سيتحاور النظام ؟». 
وأضافت «لوكلام» عارضة الاستشكال «لم تتضح مجريات هذا الحوار بعد، فالنظام والمعارضة لم يتمكنا من إزاحة العراقيل: فالطرف الحكومي ممتنع عن الرد الكتابي على وثيقة المعارضة، والمعارضة تشترط الرد الكتابي لبدء أي حوار مع النظام».
وتابعت الصحيفة «..الملاحظ أن الرئاسة حريصة هذه المرة على إنجاح الحوار فهي تبذل جهوداً مضنية لدفع المعارضة بجميع أطيافها نحو طاولة الحوار، لكن ماذا ستقدم الرئاسة للمعارضة ؟ وبأي طعم ستجذبها لمائدة الحوار ؟.. لا شيء متضحاً حتى الآن على مستوى الحوار.. ولعل الأمر الوحيد المؤكد في هذا المضمار هو أن الحكومة باقية على عرضها الأول القائم على «أن الحوار بلا سقف وبدون تابوهات»، غير أن رفض الطرف الحكومي لأي رد مكتوب على المعارضة يفرغ هذا العرض من مضمونه». وتابعت تحليلها قائلة «..كأن الحكومة الموريتانية بدعوتها للحوار ورفضها للرد المكتوب تدفع منتدى المعارضة لمقاطعة التحاور».
وتوقفت «لوكلام» عند من يتوقع له من أطياف المعارضة وسطها وقصيها، أن يحضر الحوار إذا انطلق فتحدثت عن معاهدة التناوب الديموقراطي (معارضة الوسط) التي حاورت السلطة عام 2011 فاستبعدت أن تحضر المعاهدة الحوار بسهولة، لأن أطرافاً فيها تعتقد أن نتائج حوار 2011 لم تطبق بكاملها، كما أن المعاهدة عارضت تنظيم الحكومة السنة الماضية، لمنتديات تشاورية بدون حضور موسع للمعارضة مع أن هذه الأيام لن تحقق أي هدف يذكر». 
«أما الأمر الآخر الذي يعرقل الحوار، تضيف الصحيفة، فهو قضية تعديل الدستور للسماح للرئيس ولد عبد العزيز بالترشح لولاية ثالثة التي ألمح إليها وزراء بينهم الوزير الناطق باسم الحكومة في تصريحات أشعلت الساحة ودفعت منتدى المعارضة لإيقاف اتصالاته بالحكومة قبل عزل الوزاء المصرحين والاعتذار رسمياً عما صرحوا به».
وخلصت الصحيفة في آخر تحليلها لتأكيد «أن على الرئاسة الموريتانية إلى جانب تمسكها بالحوار وبأنه حوار بدون تابوهات أن تتخذ إجراءات لإعادة الثقة للطرف الآخر ومن ضمن ذلك الرد كتابياً على المعارضة وأن يؤكد الرئيس ما سبق أن قاله في خرجاته الإعلامية من أنه لن يعدل الدستور»، ففي هذه الخطوات، تقول الصحيفة، تهيئة مهمة للأجواء على مستوى المعارضة كما على مستوى شركاء التنمية في قارتنا الإفريقية هذه التي لوثت ديموقراطيتها التعديلات الدستورية الهادفة لتخليد الرؤساء في السلطة..فإذا قامت الحكومة بهذه الإجراءات فسيكون أمام الموريتانيين ثلاث سنوات كاملة يحضرون فيها بكل هدوء لتناوب حقيقي على السلطة». هكذا تبدو الساحة السياسية الموريتانية اليوم أياماً قليلة قبل عقد الرئيس الموريتاني لمهرجانه السياسي الاستعراضي الكبير الذي ستحضنه مدينة النعمة الخزان الإنتخابي الكبير.
وتتحدث أوساط المعارضة الموريتانية عن مساع سيبذلها المنتدى المعارض بينها مسيرة شعبية كبيرة في العاصمة نواكشوط موجهة لإفشال زيارة الرئيس للمناطق الشرقية ومحو آثارها السياسية والإعلامية..إنها موريتانيا أرض التناقضات السياسية التي لا تنتهي مرحلة منها إلا لكي تبدأ أخرى.

عبدالله مولود

نواكشوط – «القدس العربي»: