يعد مصطلح الزندقة من المصطلحات الدينية بإمتياز، حيث أطلقه المسلمون على أتباع بعض الديانات كالوثنيون والزرادشت والمانويون والذين ادّعوا النبوة في بعض المناطق، كما يعرف البعض الشخص الزنديق بأنه ذلك الكافر الذي يخفي كفره ويظهر إيمانه، ولكنه يظهر أيضاً كفره كلما سمحت له الفرصة بذلك، فالزنديق هو الذي يحاول النيل من الإسلام ومن تعاليمه وتشريعاته وعقائده عن طريق المعتقدات الضالة وتشويه صورة الله ورسله وملائكته في أذهن وأعين الناس العوام. يقابل مصطلح الزندقة عند المسلمين مصطلح الهرطقة عند المسيحيين، وهي تعني تغيير جوهر الدين بتغيير عقائده سواء بالإضافة أو النقصان أو إنكار معلوم من الدين أو إضافة البدع ومحدثات الأمور إليه مما يسبب تشويشاً على حد قولهم لدى العامة خصوصاً وإن كانت هذه الصور المشوهة صادرة من شخص له تأثير على الناس والعوام. لا يختلف اثنان على ضلال الزنادقة، ولا يختلف اثنان أيضاً على أن رجال الدين يلبسون هذه التهمة للناس بحسب أهوائهم، فتهمة الزندقة لاقت رواجاً في المجتمعات التي تدعي التدين وهي ذات المجتمعات للأسف التي تعاني من الظلامية ومن سيطرة رجال الدين على عقول الناس وسلبهم إرادتهم باستخدام النصوص عن طريق ليِّ أعناقها أو تغيير فحواها إرضاءً للسلطة السياسية الحاكمة أو إرضاءً للمصالح والأهواء، فكم من متنورين ومنورين اتهموا بهذه التهمة الشنيعة، وهم من هم في رجاحة العقل وسيادة المنطق وقوة الحجة وفصاحة اللسان وحسن الأخلاق والتهامهم للعلم التهاماً، ولكن آرائهم لم تعجب بعض رجال الدين الذين ألصقوا بهم التهم المختلفة كالإلحاد والكفر والزندقة والتقية وغيرها من المصطلحات التي يقف لها شعر البدن لبشاعتها، فرجال الدين التقليديون خدام السلطة الحاكمة ومروجو الجهل والسقوط في شرك التعصبات المذهبية، عباد الأيديولجيات الدينية والأصوليات، لا تعجبهم فكرة أن يأتي متنور فيصحح المفاهيم المتراكمة في عقول العامة منذ عقود وقرون مضت، كإعمال العقل و رفض كل ما يخالفه من نصوص مدخلة وآراء عتى عليها الزمن وجار لا تناسب روح العصر وتناقض مبدأ صلاحية الدين لكل زمان ومكان، فرجال الدين التقليديون هؤلاء مجرمون بحق انفسهم أولاً وبحق دينهم ثانياً وبحق الأمة ثالثاً، لأنهم عرفوا الحقيقة وحادوا عنها. فالتهم البشعة أصبحت تكال بالمكيال في عصرنا هذا، وأصبح العقل هو آخر شئ يهتم به الإنسان في ظل ظهور التعصبات الطائفية والأيديولوجية والأصولية والمذهبية والعرقية، فهم كالعفن الذي يتكون في البيئات القذرة، وهم من يزيد بشاعة الناس بتصرفاتهم هذه، وهم أعداء الإنسانية بدرجة أولى.
إقرأ المزيد على موضوع.كوم:http://mawdoo3.com/%D9%85%D8%A7_%D9%87%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%86%D8...