تسارعت في تونس، منذ فترة الدعوات المطالبة بتعديل الدستور باتجاه إعطاء صلاحيات إضافية للرئيس، تجعل نظام الحكم أقرب إلى الرئاسي، منه إلى شبه البرلماني الذي نص عليه دستور 27 يناير 2014.
النهضة من البرلماني إلى الرئاسي
يذكر أن القيادي في حركة "النهضة" الإسلامية، لطفي زيتون، كان من أول الداعين إلى ضرورة إجراء تعديل دستوري، يتم بمقتضاه توسيع صلاحيات الرئيس.
وقال زيتون في مقال نشر بيومية "الشروق" إن الدستور الحالي سبب في "أزمة الحكم" التي تردت إليها البلاد، فهو "نظام الشبه رئاسي شبه برلماني"، وفق تعبيره.
وأشار إلى أن تونس "تعيش منذ خمس سنوات برأسين للسلطة التنفيذية وبرلمان لا تتوفر له أدنى شروط العمل لترجمة الدستور إلى قوانين لا من حيث الإمكانات البشرية ولا المادية".
يذكر أن حركة "النهضة" هي من فرض النظام "الشبه البرلماني" الحالي، الذي أقره الدستور الجديد، الذي تم بضغط من "النهضة" التي كانت تحوز الأغلبية في المجلس الوطني التأسيسي، وقد رفض زعيم "النهضة" راشد الغنوشي العودة إلى النظام الرئاسي، وصافاً إياه بأنه سبب انحدار البلاد إلى "الدكتاتورية".
السبسي مع توسيع صلاحياته
من جهة أخرى، علمت "العربية.نت" أن كتلة حزب "نداء تونس" بصدد التحضير للإعلان عن مبادرة تشريعية، تهدف إلى توسيع صلاحيات الرئيس الحالي الباجي قائد السبسي.
وهي مبادرة تحظى بمباركة من الرئيس قائد السبسي نفسه، الذي صرح مؤخراً بأنه "مع تعديل الدستور ومنح صلاحيات أوسع للرئيس"، كما أشار إلى أن "النظام الرئاسي هو الذي يناسب تونس".
في المقابل، اختارت غالبية الأحزاب السياسية، سواء في الحكم أو المعارضة عدم الخوض في هذا الجدل، باستثناء "الجبهة الشعبية" (تضم أحزاباً يسارية وقومية) التي عبرت عن استنكارها لمثل هذه الدعوات.
في هذا الإطار قال حمة الهمامي، الناطق الرسمي باسم "الجبهة"، إن تقديم مشروع قانون لتوسيع صلاحيات رئيس الجمهورية يعد بمثابة فضيحة بأتم معنى الكلمة"، وفق قوله.
في الجانب القانوني والدستوري، لاحظنا وجود تباين كبير حول الموضوع بين رافض بشدة وبين مرحب بالتعديل، معتبراً أنه ضروري لإصلاح النظام السياسي.
مواقف قانونية ودستورية متباينة
عبر المختص في القانون الدستوري، أمين محفوظ، في حوار مع موقع "حقائق أون لاين" عن تحمسه "لإعادة النظر في النظام السياسي الحالي، الذي وصفه بالمعطّل والمشوّه".
ودعا محفوظ إلى التسريع "بإحداث لجنة تضم مختصين تنظر في مسألة تعديل الدستور، خاصة في مجال العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وداخل السلطة التنفيذية".
وبين أن "التسريع في ذلك يعد أمراً هاماً ربحاً للزمن الذي بدا من الواضح أن السياسيين في تونس بشكل عام لا يحسنون التعامل معه في انتظار إحداث المحكمة الدستورية التي هي حالياً غير موجودة".
وقال محفوظ: "إن هذه اللجنة يجب أن تنظر في نقاط الضعف التي تضمنها الدستور لاسيما في ما يتعلق بالفصول التي تهم السلطتين التشريعية والتنفيذية والعلاقة بينهما، ثم لتقديم مبادرة قد تتبناها رئاسة الجمهورية أو ثلث النواب".
في المقابل، شكك أستاذ القانون الدستوري بالجامعة التونسية، قيس سعيد، في "النوايا السياسية" من وراء الدعوة لإدخال تنقيح على الدستور ولم تمض على وضعه إلا سنتان وبضعة أشهر.
ولفت سعيد "إلى أنه يبدو كما تم الحديث عن ذلك أن البعض يفكر في إضافة اختصاصات جديدة لرئيس الجمهورية"، قائلاً: "هل هناك ما يدعو إلى ذلك وهل أنه كلما تغيرت التوازنات السياسية يجب إدخال تعديل على الدستور؟".
دساتير على المقاس
وتساءل سعيد في تصريح لموقع "حقائق أونلاين" قائلاً: "ما هي قيمة الدساتير إن كانت تتغير بمجرد تغير التوازنات؟"
كما أكد سعيد "أن النظام السياسي الحالي في تونس ليس رئاسياً وليس برلمانياً وليس شبه برلماني"، مبيناً أنه وضع نتيجة جملة من الاتفاقات خاصة إثر الأزمة التي عرفتها تونس سنة 2013 حيث كان كل طرف في تلك الفترة يقترح أو يقدم اقتراحاً بناء على قراءته لنتائج الانتخابات التي سيتمّ تنظيمها.
وأضاف سعيد أن الدستور وضع على المقاس في تلك الفترة، وأنه لما تغيرت التوازنات بدأ التفكير في إدخال تعديل عليه.
وختم سعيد بالقول: "يتغير الجسد فيتغير الثوب واللباس وكأن اللباس فضفاض بالنسبة إلى البعض وكأنه ضيق بالنسبة إلى البعض الآخر لذلك يطالبون برتقه أو إدخال تعديلات عليه