"لقد قضى كوفيد 19 على عملي" هكذا ترد بملامح تملأها الحسرة السيدة زينب الصبار التي تقف على مشارف السبعين،وهي المعيلة الوحيدة لأسرتها التي تتكون من أربع بنات وابنين اثنين،بواسطة صناعة بعض المأكولات المحلية التي فقدت رونقها بعد ظهور الوباء العالمي في البلاد حيث تقول:
"لقد بدأت هذا العمل قبل فترة طويلة،عندما أرغمتني الحياة على البحث عن لقمة عيش لأبنائي،وهو مصدر رزقنا الوحيد،وقد كان دخله يوفر لنا حياة كريمة ويقف بيننا وسؤال الآخرين،غير أن ذلك تغير بعد ظهور فيروس كورونا".
كان أول ظهور لزينب بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي،في مقطع فيديو وجهت فيه دعوة للجهات الرسمية للإفطار على مائدتها المتواضعة،متحدثة عن التحديات التي وضعها الفيروس في طريقها،من قبيل الإجراءات الاحترازية وحظر التجول،آملة أن تجد مطالبها آذانا مصغية عند الجهات المختصة،وقد ظهر لاحقا أن الأمر كان كما تريد،حيث حصلت وفق قولها على بعض المساعدات الغذائية والصحية تمثلت في التكفل بجزء من علاج ابنها،ثم ابنتها في فترة أخرى،غير أن ذلك رافقه تدهور في عملها إذ تقول:
"كنت أدفع رسوم مدرسة خصوصية لأحد الأبناء،بالإضافة إلى رسوم آخر وقد كان يتعلم العلوم الشرعية،غير أن دراسة الاثنين انتهت بسبب الظروف المادية،حيث وجدت نفسي عاجزة عن توفير تلك المبالغ،فالدخل أصبح بالكاد يكفي للبقاء على قيد الحياة".
حظيت زينب بعناية الجهات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني الذين واكبوا حالتها من أول يوم ظهرت فيه على مواقع التواصل الاجتماعي،وتقول الناشطة الحقوقية مليكة محمد الأمين:
"كوفيد 19 وما رافقه من إجراءات احترازية فرضتها الظروف الصحية التي مرت بها البلاد تركت بالغ التأثير على معيلات الأسر وأصحاب الدخل المحدود بشكل عام،وهنا تظهر الحاجة الملحة للدولة وتدخلها الذي من المتوقع أن يخفف من وطأة الوباء،من خلال استراتيجيات الدعم وخاصة المادي،إلى جانب المنظمات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني".
لا تملك زينب محلا تعرض فيه ما تنتجه أناملها من مأكولات،لذلك فهي تلجأ لناصية الشارع،غير أن الإقبال ظل يتراجع تدريجيا في ظل الخوف من الإصابة بالفيروس،وصاحب الأمر ارتفاع ملحوظ في الأسعار حسب زينب.
الحكومة الموريتانية أعلنت عن توزيع بعض المساعدات المادية والغذائية للأسر الأكثر فقرا إبان ظهور كوفيد 19،ورغم مرور أكثر من سنتين على ظهوره أول مرة في البلاد،فإن زينب تعاني من تأثيراته إذ تؤكد:
"نحتاج المساعدة من الجهات المختصة،فتأثير الوباء جليا على مختلف الأصعدة،حيث لم يعد عملي كما كان في السابق،والحقيقة أن الخوف وجد طريقه إلينا جميعا،الخوف من استمرار هذا الحال لمدة أطول".
تأمل زينب أن إلى جانب الدعم المادي وتوفير سكن لائق أن تحظى بمزيد من اهتمام الجهات المختصة وتضيف:
"أود من الدولة أن تمنح ابني الوحيد الذي وظيفة تليق بوضعيته الصحية،عسى أن يساعدنا في تكاليف الحياة،خاصة وأن قطار الحياة يمر سريعا،وأنا الوحيدة التي توفر له وإخوته لقمة العيش".
رغم التحديات التي فرضها كوفيد 19،وتأثيره البالغ على مختلف مناحي الحياة،تواصل زينب العمل وإن غاب الدخل بعض الأيام،مع أمل أن يسرق فجر اليوم الذي يعود فيه عملها كما كان في السابق.
تم نشر هذا التقرير بدعم من JHR/JDH – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.