(الأعلام نت):
شبابية، بغية تزويد المكتبات الوطنية بإصدارات جديدة ذات طابع عصري يتماشى مع متطلبات الحداثة، وفق القائمين عليها.
ولأن موريتانيا بلد يعج بالشعراء والكتاب والمؤلفين، كان القائمون على المشروع مرتاحين لاستنباته في هذه الرقعة ، فرفعوا من سقف آمالهم عند إطلاقها، قبل أن تباغتهم جائحة فيروس كورونا المستجد، وتقلب موازين المشروع رأسا على عقب.
أحمد أحمد اعل الملقب سامي، أحد القائمين على مشروع النشر الأول من نوعه في البلد، يروي بحرقة كيف تلاشت آمالهم تأثرا بمقتضيات الجائحة.
يقول سامي:
"بعد انتشار الوباء والإغلاق الكبير وجد القائمون على دار قمم أنفسهم محاصرون في حيز الوطن الذي يخلو من مطابع تتمتع بخبرة كبيرة في مجال الطباعة والتغليف تتماشى مع الجودة المنشودة وكذلك المضاربة في أسعار الطباعة حيث أن الأسعار يتم تحديدها بشكل عشوائي يتنافى مع القوة الشرائية للقراء رغم قلتهم في البلد، تأثر جانب الطباعة والنشر بشكل كبير بعد انتشار الوباء رغم الظروف المناسبة التي خلقتها الجائحة للقراءة من عزلة وتباعد اجتماعي."
ويضيف سامي :
"حاول القائمون على دار قمم طباعة الكتب التي تم اختيارها للنشر في عدد من الدول العربية إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل لأسباب عدة أبرزها، ارتفاع أسعار الطباعة والورق عالميًا بعد الجائحة، وأسعار الشحن العالمي،و جمركة الكتب التي تعتمدها سلطات البلد دون غيرها من جميع الدول العربية، فلم نجد ملجأ سوى الطباعة محليًا رغم أن نوع الورق تم استراده من المطبعة خصيصًا لمنشورات دار قمم. ليتم طباعة ونشر 6 عنوانين من 30 عنوان تم برمجتها للنشر، ونحن الآن نعمل على إعادة هيكلة المشروع."
أصحاب المشاريع الثقافية والإبداعية، تجرعوا بدورهم مرارة الجائحة عبر توقف دور النشر عن استقبال الطلبات، وتأخر الإصدارات والنشر والتوزيع نتيجة الإغلاق، كما أثرت بشكل كبير على الإنتاج الإبداعي بحسب الأديب عثمان بونه عمر لي.
يقول عثمان:
"لا شك أن الناظر في حركة الإنتاج والتوزيع طوال السنتين الماضيتين يصطدم بعقبات عدة، وقفت أمام سرعة انتشار الكثير من المشاريع الإبداعية، سواء فيما يتعلق بصعوبة إيصال الأعمال الصادرة أو اقتناءها من المكتبات بسبب الظروف الوبائية التي مر بها العالم. وقد كان هذا لا شك في صالح النسخ الإلكترونية.. على الرغم من ذلك
ويضيف عثمان وهو أحد شعراء الشباب:
"أعتقد أن انعكاسات الجائحة على الحياة الإبداعية لم تقتصر على النواحي المرتبطة بالنشر والتوزيع فقط، بل ربما امتدت إلى جوانب أخرى قد تمس الأداء وطريقة تناول المواضيع، بل وأسلوب الكتابة أيضا، فالمجتمعات بعد الحالة الوبائية وما صاحبها من عزلة اكتسبت تصورات جديدة وأنماطا تفكيرية مغايرة للمألوف."
من جهة أخرى يرى بعض المؤلفين أن جائحة كورونا كانت ذات نفع على مشاريعهم الإبداعية، عبر منحهم مزيدا من الوقت للتنقية والتنقيح، لكن يبقى ضرها أكبر من نفعها على حد تعبير الشاعر والروائي الموريتاني الشيخ نوح.
يقول الشيخ نوح:
"شخصيا استفدت من الجائحة وتضررت منها في الآن ذاته. استفدت، حيث أدى تأخير نشر بعض الأعمال إلى العودة إليها تمحيصا وتجويدا، ومنحتني مزيدا من الوقت، ن توقف بعض دور النشر عن استقبال أعمال جديدة أدى إلى تأخر نشر بعض أعمالي، في ظل توقف معارض الكتب."
ولأن المكتبات مرتبطة بالنشر والتوزيع، فقد ألقت عليها مقتضيات كوفيد 19 بظلالها، وكبدتها خسائر وصفها أصحابها بالفادحة.
علاء ، مواطن فلسطيني بدأ منذ سنوات في بيع واستيراد الكتب في العاصمة الموريتانية نواكشوط، كانت حياة علاء تسير على مايرام مع مهنته، حتى ظهرت الجائحة، فجرت الوضعية الاقتصادية بما لايشتهي علاء.
يقول علاء:
"انخفضت المبيعات بشكل كبير، بل وتوقفت عدة أشهر، والمشكله الأكبر كانت مع مستثمر من البلد . وذلك لأنني ملزم بدفع إيجار المحل والمنزل والكهرباء، وهذا كله استنزف من رأس مال المكتبة مع الأسف."
ويضيف علاء:
"دفعت الإيجار بشكل مستمر خلال فترة الإغلاق، ولذلك كانت الخسائر كبيرة بسبب دفع الإيجار من البيع القليل وعدم القدرة على التعويض من حيث الايستيراد والشحن وارتفاع الأسعار.
الوضع الاقتصادي للمكتبة لم يستعد عافيته بعد من مخلفات الجائحة، وقد فاقمت الأزمة الأوكرانية الروسية الوضع من جديد."
حمن يوسف
تم نشر هذا التقرير بدعم من JHR/JDH – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.