كأن كورونا لم يكن ذات يوم ذلك الفيروس الذي زاغت مع ظهوره الأبصار وبلغت القلوب الحناجر،كأنه لم يعد شيئا مذكورا بعد أكثر من سنتين على ظهوره أول مرة وانتشاره في مختلف بقاع العالم،وتسجيل موريتانيا أول حالة منه الموافق 13 مارس،لتتوالى بعد ذلك الإصابات التي حملت الحكومة الموريتانية على اتخاذ مجموعة من الإجراءات الاحترازية،من قبيل الدعوة لارتداء الكمامات في الأماكن العمومية واحترام المسافة الصحية،ثم لاحقا حظر التجول وتعليق الدراسة والرحلات البرية والجوية.
عبد الله أحد المواطنين الموريتانيين الذين يرون أن الحديث عن كورونا لم يعد واردا،في ظل تجاوزه وإن بشكل نسبي،مع أن الجهات الصحية الموريتانية ما زالت تسجل إصابات من كوفيد بشكل يومي،في ظل عدم الاكتراث بالإجراءات التي قد تقف بين المرء والإصابة بالفيروس،وهو يقول حول العودة لارتداء الكمامات واحترام المسافة الصحية:
"لا أظن أن أحدا اليوم سيعود لارتداء الكمامات في الأماكن العمومية،في ظل التعايش مع الفيروس الذي يطبع المشهد،وهو كما تعرفون لم يعد ذلك الوباء الذي أرعب الناس عند ظهوره،وتدريجيا أضحى شيئا عاديا،كما أن الإصابة به لم تعد معرة كما تصورها البعض في البداية،ومن بين ما نخشاه أن تفرض الأيام القادمة العودة للإجراءات الاحترازية،في ظل تسجيل الجهات الصحية حالات من الإصابة بالفيروس يوميا".
إن التعايش مع الفيروس أفضى بحسب مراقبين إلى نسيانه،الأمر الذي تجلى في عدم التقيد بأي نوع من الإجراءات الوقائية،وإن كانت الحكومة الموريتانية تعمل على محاربته بواسطة التلقيح،من خلال توفيره في مناحي البلاد،ويقول الدكتور والإطار بالمديرية العامة للصحة المختار عباد:
"الوضعية الوبائية في موريتانيا مستقرة منذ أسابيع،وهذا أمر مبشر ويعكس نجاعة السياسات المتخذة لمحاربة الوباء،لكنه لا يعني انتهاء كوفيد بشكل نهائي،خاصة وأن الجهات الصحية تسعى من خلال التلقيح للوصول إلى حماية كلية للمجتمع،ما يعني أن الفيروس ما زال موجودا وينتقل بين المواطنين،ولدى الأرقام التي تعلنها وزارة الصحة الخبر اليقين،كما أنه قد تظهر منه موجات جديدة بين الفينة الأخرى،لذلك يجب أن نحافظ على النظافة والتعقيم والتباعد وارتداء الكمامات ما أمكن،بالإضافة إلى الإقبال على مراكز التلقيح،وهو الذي يعد أنجع الوسائل المتخذة لمحاربة الوباء حتى الآن،لذلك أدعو الجميع لأخذ الحيطة والحذر،وأخذ الإجراءات الوقائية بعين الاعتبار".
رغم الدعوات التي توجهها الجهات المختصة في موريتانيا للاحتراز،فإن الحياة العامة للناس لا توحي بأنها وجدت آذانا مصغية،حيث يظن المرء أن صفحة الفيروس قد طويت أبدا،وهذا ما ذهب إليه محمد الذي يقول:
"كورونا لم يعد موجودا ولا مخيفا،ولا شك أن سيناريو العودة لحظر التجول وغيره يشبه المستحيل،خاصة أن الناس بدأت تتجاوز الوباء وتتعافى من تبعاته التي شملت شتى جوانب الحياة،وفرضت مجموعة من الإجراءات في سبيل الوقاية والوقوف دون تفشي الفيروس".
العودة للعادات القديمة المتعلقة بالمصافحة دون تحفظ والعناق كأن شيئا لم يكن،أمور من بين أخرى تستدعي إعادة التفكير بحسب البعض،خاصة مع ظهور متحورات جديدة من الفيروس بين الفترة والأخرى،وتظهر تأثيراتها جلية على مختلف البلدان،ويقول الصحافي عبد الله الناهي في ذات الصدد:
"المواطن الموريتاني بدأ ينسى أو يتناسى أنه يوجد فيروس اسمه كورونا كان إلى وقت قريب مخيفا،وكانت عدواه وانتقاله هاجسا مرعبا،فقد اختفت كل المظاهر التي تشير إلى الإجراءات الاحترازية، فالكمامات التي مثلت الحاضر الأبرز قبل عام تقريبا؛ بات ارتداؤها في الشارع أو مقر العمل أمرا ملفتا للانتباه،كما أن الناس عادوا لعاداتهم القديمة من مصافحة وعناق وغيرها من المسلكيات المسببة لانتقال الفيروس،يأتي ذلك رغم ظهور متحورات مختلفة تسببت في ارتفاع مؤشرات الإصابة خلال الأشهر الأخيرة".
لم يعد كورونا ذلك الفيروس الذي حمل الموريتانيين على اعتماد سياسات صحية معينة،بهدف الخوف من الإصابة بمتحوراته المتعددة،ومع استمرار عدم الاكتراث بأي إجراء وقائي يخشى مراقبون من أن تحمل الأيام القادمة ما لا تحمد عقباه،في ظل وجود الوباء وتسجيل الجهات الصحية حالات منه بشكل يومي.
تم نشر هذا التقرير بدعم من JHR/JDH – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.