(الإعلام نت):
" إنعاشَ الساحة الثقافية يستوجب التواصل وهو ما لم يحدث أثناء حظر التجول الذي فرضته الجائحة مما أدى إلى الركود الثقافي"، يقول أحمد ولد اعلِ مدير المركز الثقافي لجهة نواكشوط.
لقد كانت تأثيرات كورونا -على العاصمة المكتظة بما يزيد على المليون نسمة- عارمةً ومطلقة، لم تترك من اليوميِّ مشهدا إلا ولونته بزرقة الكمامات، ولا جسدا حالما إلا و وَخَزَتْهُ بحقنة الخيبة، فالحركة الثقافية الخجولة في العاصمة نواكشوط كادت أن تتلاشى تحت وطأة الْغَلْقِ الكوني لأبواب الحياة التي تعتبر الثقافة من أرحبها، حيث توقف العديد من المهرجانات الأدبية والأماسي الثقافية التي يألفها الموريتانيون، فجلسات الشاي الجماعية والحِلق العلمية في المنازل تقلصت تاركة مسافة الطمأنينة والحذر بين أفراد العائلة، لتتحول المصافحة من خُلُقّ حسنٍ إلى خُلُقٍ سيء في ظرفٍ وجيز برَّرتْ فيه الغايةُ الوسيلةَ.
محمد ولد إدومو المنسق الثقافي لؤسسة بيت الشعر يقول إن "بيت الشعر كمؤسسة ثقافية أثرت عليه الجائحة من خلال الإغلاق وتوقيف النشاطات التي كانت تحيي الساحة الثقافية، وهو ما حاولنا مجابهته من خلال مواصلة النشاطات على وسائل التواصل الاجتماعي"
وأضاف ولد إدومو وهو فنان ومخرج :
"بالنسبة لمهرجاننا السنوي لم يتوقف أثناء السنتين الماضيتين، إذ تزامن تنظيم نسختيه مع شبه عودة الحياة لطبيعتها، مع مراعاتنا لاتخاذ أقصى إجراءات السلامة حمايةً للشعراء وجمهور الشعر؛ أما أنشطتنا الشهرية "تراتيل الأصيل"، "مقاربات نقدية" و "تجارب مثمرة"، فقد تأجل بعضها وخصوصا مع بداية الجائحة وبعضها اكتفينا فيه بحضور القليل من الجماهير وارتداء الكمامات والتباعد الاحترازي ".
وفاء رياض مديرة مكتبة اقرأ معي تستذكر أنه "كانت كلمات جديدة قد طرأت على القاموس المستخدم لسكان انواكشوط من قبيل "الحظر، الكمامات، اللقاح..." وما إلى ذلك من مفردات ظهرت مع الجائحة ولكنها لم تختف معها، كأن ذاكرة المدن لا تنسى اللحظات الموجعة التي يكون فيها الحزن جماعيا والمأساة قدرا والأملُ مجردَ كلمةٍ واقفةٍ آخر الصف المرصوص لجائحة كوفيد 19 .
مستحضرةً أجواء الحظر وما صاحب الجائحة من توتر وقلق أثر على البشرية عموما والقراء خصوصا بوصفهم مهتمين بالغد وبالمستقبل .
وتضيف رياض "شكلت جائحة كورونا صدمة كبيرة لنا وتركتنا في حيرة من أمرنا، وبالطبع كان للمكتبة حظها من تأثيرات الغلق، إذ توقفت الأنشطة الرسمية، الشهري منها والموسمي كنشاط "مائة دقيقة نقاش" ونشاط "مجالس" لكن مكتبة اقرأ معي لم تغلق أبوابها أمام القرَّاء..تغيرت أوقات الدوام وبقيت المكتبة مفتوحة بشكل جزئي مع الالتزام بإجراءت السلامة والوقاية.
وفي محاولة للتكيف مع كوفيد وإجراءات تقول وفاء رياض: "لجأنا إلى إطلاق مسابقة من يقرأ أكثر مع بداية الجائحة لتشجيع القراء على استثمار أوقاتهم بشكل سليم لا سيما أوقات الحظر التي شكلت نوعا من الضغط النفسي نظرا للبقاء في البيت لساعات طويلة بشكل إجباري".
مدينة نواكشوط تلك الشاطئية التي تغفو بحضن الأطلسي متوسدةً رائحة الكتب والمعاجم شلَّت جائحة كورونا حركتها الخجولة، غارسة معجما من الخوف تسلل في نفوس القابعين وراء شاشات التلفاز كل مساء مترقِّبين نشرة السادسة، وعداد المصابين بفايروس كورونا يعدو بشرهٍ نحو المجهول قبل اكتشاف اللقاح الذي أعاد الأمل لسكان انواكشوط بغد أفضل .
اخليهن بوبكر
تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR - صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا .