كشفت الوثائق المنسوبة لأسامة بن لادن التي رفعت عنها السرية من قبل الإدارة الأمريكية أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي قد عقد عام 2010، اتفاقية عدم اعتداء مع حكومة الرئيس محمد ولد عبد العزيز.
دول أخرى في المنطقة كانت لديها ترتيبات مع بعض المتطرفين كما هو شأن بوركينافاسو.
لكن ولد عبد العزيز ذهب أبعد من ذلك بكثير، ليوقع اتفاقية، تعهدت بموجبها القاعدة بالامتناع عن أي عملية عسكرية في موريتانيا.
من جانبها، تعهدت موريتانيا بعدم مهاجمة مقاتلي الحركة على أراضيها وإطلاق سراح أعضاءها السجناء القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، وموريتانيا وفقا للاتفاق، تدفع 10 إلى 20 مليون يورو للقاعدة لتجنب عمليات خطف السياح.
صحيح أم خطأ ؟ بعض الحقائق تسند هذا الأمر، فقد تم الإفراج سنة 2015 عن سنده ولد بوعمامه دون أن يقدم للعدالة وهو المتحدث باسم أنصار الدين (حليف القاعدة في المغرب الإسلامي)، كما أن الخديم ولد السمان زعيم القاعدة في موريتانيا المعتقل منذ 2008 والمحكوم بالإعدام في عام 2010 لا يزال على قيد الحياة.
كما أن موريتانيا أصبحت فجأة هادئة بعد دوامة من العنف: اغتيال السياح 2007، والهجوم على القاعدة العسكرية في الغلاوية وعلى السفارة الإسرائيلية في نواكشوط... ومنذ 2010، لم يحدث أي شيء.
وبعيدا عن هذه القضايا الخطيرة يكشف الاتفاق أيضا السبب في رفض الرئيس الموريتاني المشاركة في عملية سرفال عام 2013 بقيادة فرنسا في شمال مالي، كما رفضت تقديم أي مساعدة عسكرية على الأرض لحليفها وصديقها الفرنسي.
في ذلك الوقت، فُسّر القرار 'العزيزي' بالتضامن القبلي بين البيضان الموريتانيين والطوارق في مالي.
لكنه بهذه التسريبات الجديدة تتكشف ازدواجية نواكشوط بشكل كامل.
وهكذا، يمكن للمرء أن يفهم بسهولة كيف نجت موريتانيا في السنوات الأخيرة من الهجمات.
وهو لا يمكن تبريره بالتفسيرات الخيالية التي يقدمها محمد ولد عبد العزيز الذي يدعى أن الجيش الموريتاني، اعتبارا من عام 2009، تمت إعادة هيكلته وتحديثه وتم إعداده للسياقات الإقليمية الجديدة.
بالإضافة إلى هذه الصفقة بين النظام الموريتاني والقاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، وفّر ولد عبد العزيز الغطاء والمأوى لكبار المسؤولين في الحركة الوطنية لتحرير أزواد. وبدعم من نواكشوط، قامت هذه الحركة المتحالفة مع القاعدة وغيرها من الجماعات الإرهابية بزعزعة الاستقرار في شمال مالي.
سيكون من الصعب الآن لعزيز أن يقدم نفسه حليفا مخلصا للغربيين ضد التهديد الإرهابي في منطقة الساحل.
لقد كان يحاول أن يلعب دور شرطي الاستقرار في هذه المنطقة وانتهز الفرصة لتسوية حساباته الشخصية، لاسيما مع رئيس مالي أمادو توماني توري الذي كان له نهجه في مكافحة الإرهاب.
فقد دعا هذا الأخير في ذلك الوقت، إلى منهج إقليمي للحد من عنف الإسلاميين وكذلك التهريب بجميع أنواعه، وكان على قناعة أن اقتلاع هذا الشر في حاجة إلى نهج سياسي واقتصادي واجتماعي للحد من الإحباط من السكان، والواقع أنه كان على صواب.
ترجمة موقع الصحراء