بعد الافراج في فرنسا عن التقارير الاخبارية التي كانت السفارة الفرنسية في نواكشوط، ترفعها أسبوعيا إلى سلطات بلادها، أصبح بالإمكان الاطلاع على الكثير من تفاصيل مرحلة تأسيس الدولة الموريتانية من وجهة النظر الفرنسية. وفي ما يلي نستعرض التقرير الأسبوعي رقم: 105 (الأسبوع من 1 إلى 7 اكتوبر 1961):
بالطبع يستمر موضوع التعديل الوزاري الأخير في الهيمنة على الحياة السياسية الموريتانية. وكتكملة له قام الرئيس المختار يوم 30 سبتمبر بتعيين أحمد باب ولد أحمد مسكه مديرا عاما للإعلام والبث الاذاعي خلفا ليعقوب ولد أبو مدينة المستقيل، وبتعيين حمود ولد عبد الودود أمينا عاما للشؤون الخارجية خلفا للحضرامي ولد خطري الذي أصبح وزيرا للعدل.
ولد أحمد باب ولد أحمد مسكه سنة 1931 في أطار، حصل على الباكالوريا في الفلسفة وشهادتي ليصانص في الحقوق. وقد قام بدراساته في فرنسا رفقة الأستاذ المختار ولد داداه ونسج معه علاقات صداقة. وعمل بعد عودته إلى موريتانيا فيما بين 1954 و 1959 وكيلا إداريا في سينلوي، مدرسا في دكار، موظفا في MICUMA بأكجوجت، مذيعا في إذاعة موريتانيا، مديرا لصندوق التعويضات العائلية ومفتش التعليم الأساسي العربي، وفي نفس الوقت مارس حياة سياسية نشطة وانضم لحزب الاتحاد التقدمي وهو رئيس قبيلة أهل بارك الله، أمين نقابة CFTC في أكجوجت، زعيم حركة الشباب الموريتاني، داعم لحرمة ولد ببانه ولضم موريتانيا للمغرب، الأمين العام لحزب النهضة1.
وضع تحت الحجز الاداري في فبراير سنة 1960 بسبب نشاطاته السياسية المصنفة معادية للوطن وأفرج عنه شهر يوليو 1960، ثم اعتقل مجددا سبتمبر 1960 ولم يفرج عنه إلا فبراير 1961. يعتبر تعيينه –إضافة لتعيين بوياغي ولد عابدين- تأكيدا لمشاركة النهضة في التشكيلة الحكومية الجديدة.
بالرغم من توجهه التقدمي، فإن حمود ولد عبد الودود ليس لديه انتماء سياسي محدد. ولد في أكجوجت 1929 وينتمي هو الآخر لقبيلة أهل بارك الله، عمل مترجما في روصو سنة 1955 وأصبح مؤخرا مسؤول مراسم الأمانة العامة للشؤون الخارجية وهي الوظيفة التي ظل يشغلها لغاية تعيينه الحالي.
يؤكد تعيين هذين المسؤولين، وجهة النظر التي راجت خلال الأسبوع الماضي بشأن التعديل الوزاري باعتباره جاء لإقصاء الوزراء الذين تقدموا في السن والنظراء السياسيين للرئيس المختار واستبدالهم بشباب أقل تمسكا بالتقاليد وأسهل تقبلا لأوامر الرئيس الجديد للدولة.
وقد طبعت إرادة الفعالية وفهم المتطلبات التي تفرضها الوظائف الجديدة، تسلم الوزراء الجدد لمهامهم. فبعد اللقاءات التي عقدوها بمرؤوسيهم، كشف الوزراء عن رغبتهم في العمل من أجل البناء الوطني وباشروا دراسة المشكلات المطروحة لقطاعاتهم. وقد أصر الرئيس المختار على إظهار أن التعيين في منصب وزاري ليس تشريفا بل هو تكليف وعقد مجلسه الوزاري الأول يومي السبت 7 والأحد 8 اكتوبر، معلنا إجراءات تقشفية يعتبر الوزراء هم أول ضحاياها حيث تم خصم 10 في المائة من رواتبهم وتم الحد بشكل كبير من تنقلاتهم الخارجية، كما تقرر أن الموظفين الموريتانيين لن يسافروا مستقبلا في الطائرات إلا في الدرجة "السياحية".
وخلال هذا الوقت استمر الوزراء المقالون والشخصيات المستاءة من التعديل الوزاري، في إظهار معارضة معلنة بدرجة أخرى. فبعضهم مثل سيد احمد لحبيب يضع نفسه مراقبا موضوعيا مستعدا لاصطياد الأخطاء الأولى للحكومة، لكنه في نفس الوقت مستعد للإشادة بها حين تتبع سياسة حكيمة وبناءة. وعلى العكس من ذلك يعلن يعقوب ولد أبو مدينة منذ استقالته من الادارة العامة للإعلام، خصومته الكاملة لهذه الحكومة ويقوم بتوجيه عبارات قوية للرئيس المختار. وقد توجه يوم الأحد إلى اكجوجت وأطار لاستغلال –حسب ما يقال- الاستياء الناجم عن تقسيم دائرة أطار، كما يقال أيضا أنه سيلتقي بسيد المختار للتأسيس بمساعدته لمعارضة جدية.
ومن جانبهما فقد أظهر رئيس الجمعية الوطنية حمود ولد أحمدو وشيخنا ولد محمد لقظف، إرادتهما في عدم التعاون وبحسب ما يقال فإنهما يسعيان لتركيز عملهما على نواب حزب التجديد المستائين من تهميش حزبهم، وعلى خصوصية الحوض الذي ينحدران منه. غير أنه ينبغي انتظار بعض الوقت للتعرف أكثر على هذه المعارضة التي لم تتجسد بعد.
ترجمة: اقلام