إن تقدم الممارسة الديمقراطية في بلادنا وتعاطي مختلف الفئات مع آفاق الحريات التي نادت بها و كذلك تنامي الوعي بين أبناء المجتمع وتغلغله في الأجيال الصاعدة من مختلف شرائحه بات مؤشرا يمكن الإسناد إليه لإنارةالرأي العام حول ضرورة إرساء قيم جديدة كالسلم الأهلي والتعايش بين فئات المجتمع و الاخذ بقواعد العدل والانصاف خلال أدائنا اليومي لمهامنا
فالتشاور السياسي الذي أظلنا زمانه من جديد و للمرة ربما الرابعة إن لم تخني الذاكرة قد يكون فرصة لأن نقف وقفة تأمل خلالها نقوم بسبر أغوار الحكامة حتى نقوم بتشخيص دقيق يمكننا من حصر مكامن القوة وتصيد مؤشرات الاخفاق
في تجربتنا الديمو قراطية و كذا جرد الكيانات والقوى السياسية الوطنية وتقييم خط أسهامها طيلة العقود الماضية في إرساء حكامة رشيدة .
فأي تشاور لن يقدم حلولا ناجعة دون الإجابةعلى جملة من التساؤلات ابرزها :
أين القوى التقليدية التي طالما راهنت عليها الانظمة في احراز انتصاراتها وتمرير سياساتها؟ وهل مازالت تتمتع بنفس الوهج والحضور الذي ابانت عنه أيام نشأة الدولة؟ أم ان عودها لان وأصابها الوهن ولم يعد حضنها يتسع لاحتواء نسبة مطمئنة من الطيف؟
أين المعارضة التقليدية؟ وهل تقلص هامش المناورة أمامها مع تنامي قوى معارضة جديدة؟ و هل الأصوات المعارضة وتلك الممانعة التي واكبت التحول أكدت حضورها عبر جميع المحطات التي مر بها المشهد السياسي في البلد؟ أم تراخت وتيرة تأثيرها مع تقدم التجربة فتلاشت مفسحة المجال لقوى وليدة تشكلت على هامش الحراك السياسي عبر مختلف المفاصل التي مرت بها هذه التجربة؟
فهذه الأسئلة يفرض الظرف السياسي الإجابة عليها و لم تعد تقبل التأجيل فالقوى التي افرزتها الرهانات السياسية التي مر بها البلد لم تعد مقتنعة بالنزر اليسير بل تطمح لتبوؤ دور طلائعي في المشهد الوطني لتعزز مكانتها الاعتبارية في هرم التمايز الوطني.