من الأمور اللافتة والداعية للتساؤل ما شاهدناه اليوم من إقدام القيادة الحالية ـ المؤقتة ـ بفعل عدة عوامل لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية على تنظيم "ورشة" حول "الواقع الإعلامي للحزب والآفاق المستقبلية" .
تفكيك عنوان هذه الورشة يجعلنا في مواجهة مصطلحين هما "الإعلام" و "المستقبل"، ولا أحد الإثنين يعتبر أساسيا في هذا التوقيت بالنسبة لقيادة الحزب هذه.
من الواضح للكل أن رئيس الحزب المعين مؤخرا وزيرا للمياه، لم يعد ينتظر إلا أياما قليلة لتسليم قيادة الحزب لشخص آخر، حاله حال نائبه في الحزب زميله في الحكومة الوزير الأمين العام للرئاسة المغادر هو الآخر للحزب.
في ظل هذا التغيير الحتمي، وفي وقت يقبل النظام على "التشاور" المرتقب، وتدخل البلاد الموسم السياسي للانتخابات النيابية والبلدية والجهوية، يبدو نقاش الاستراتيجيات الإعلامية "متأخرا" إن لم يكن فاته القطار، ففي هذا التوقيت كان الأولى الحصاد، بدل الورشات والنقاشات.
إلا أننا لو عدنا قليلا للتركيبة الداخلية للحزب، فسنجد أن ثمة منصب لأمين تنفيذي مكلف بالإعلام، وأن الرئيس عين ناطقا رسميا باسم الحزب، ولديه مستشار إعلامي، ومعاون، وسبق وأن كان لديه مكلف بمهمة له صلة وطيدة بالمجال الإعلامي، قدم استقالته قبل اسابيع، هذا فضلا عن لجنة اعلامية، ومدير للإعلام.
فمع وجود هذا العدد من المناصب المرتبطة بالإعلام، وبعد سنة ونصف من وجود هذا المكتب التنفيذي، وفي لحظة كهذه يكون الحديث عن الواقع الإعلامي، متأخر، فلماذا لا تكون قيادة الحزب نظمت هذه الوشة قبل سنة من الآن، على غرار الورشات التي أقيمت " الوحدة الوطنية"، و"اللامركزية" و "الرق" وغير ذلك من الورشات، علما أن تقاريرها ـ للأسف ـ لم تنشر للرأي العام "وما بعد السَّنة إلا الأكل".
القيادة الحالية للحزب "مغادرة" بحكم الواقع، وهذا ما جعل من الضروري التساؤل عن تنظيم ورشة الاعلام في مثل هذا التوقيت، وهل هي يافطة لتبرير "استنزاف" موارد الحزب، أم محاولة لاستباق الأحداث، وإملاء خطة جديدة على قادة الحزب المستقبليين، وهذا ايضا سؤال عن لماذا لم تعط الفرصة لمن سيعقبها على قيادة الحزب لوضع خطته الخاصة.
إن الورشة المقامة اليوم ورغم ما سبق ولو ـ افترضنا جدلا ضرورتها ـ لم تستدعي أهل الاختصاص ليكون ذلك مسوغا لتنظيمها، وليقدم للمشاركين ما يفيدهم، وهو أمر مثار جدل، فوجود الكفآءات في أي اختصاص مصدر طمأنينة، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.
ورشة الواقع الإعلامي، والآفاق المستقبلية نتمنى أن لا تكون هروبا للأمام، ونتمنى أكثر أن لا تكون مجرد "شعار" لمآرب أخرى.
بقلم / مصطفى سيديا