00. عرفت مساحة الإبداع في القول الأدبي في موريتا نيا في العقد الأول من هذا القرن، تطورا ملحوظا، شمل الشعر والسرد، تمثل في تآخذ حلقات أجيال المبدعين وتقارب منازل أعمارهم وانتمائهم لحواضن ثقافية وتكوينية مشتركة، جعلت إبداعهم شعرا وسردا، يخرج من مشكاة واحدة، وإن تعددت أنوارها وتنوعت سلاسل قولها، فهي تشع جمالا وتطفح إبداعا، لتسحر نفوسا وتروي ذواتا، تربت علي سحر البيان وخبرت فعل ساحره، وتغذت من منابع قوله، فاشتد عمود شعرها، واستقام لسان نثرها، فكانت لذا بلد المليون شاعر والناطق بالعربية .
01. لقد كانت شنقيط المنكب البرزخي من وطن العربية الحاضن لسلالات القول العربي، الموزون المقفى الدال علي السنن العربي في الوزن والقافية، المجلي لطرائق العرب في التعبير وإصابة المعني، والمكثف لمستويات التخيل ومساحات التخييل عند العرب.
02. وكانت بلاد تكرور منبتا لسلاسل كلام العرب الممتع والمؤنس، ومنبعا متجددا للمتكلمين بالعربية، ممن حذقوا لسان العرب، وحظوا بفصاحة النطق وطلاوة اللفظ واصبة المعني، فتصدروا مجالس الارتجال والأداء ومحافل التحرير والتدوين، فكانوا سفراء ثقافة وعلم وتصوف أينما حلوا وارتحلوا.
03. وقد تعودت ألسنة الموريتانيين حركات الإعراب وأبنية الصرف وألفاظ المعجم وألفت أذهانهم عبقرية اللغة العربية في التوزيع والاختيار والحقيقة والمجاز، فكانوا من أهل سماعها وأصحاب قياسها، وفصحة بلاغتها، فتخرج من محاظرهم وجامعاتهم العالم اللغوي و الإعلامي المبين والأستاذ المقتدر والطالب الكفء والشاعر الفحل والناثر الممتع، ودون هؤلاء وألائك، عامة من القوم محبين للعربية، معتزين بأن حباهم الله بان جعلهم من الذين تؤدي أجهزتهم العصبة رسالة الاتصال والتواصل عبر منطق اللغة العربية وعبقريتها في ترتيب الكلام ونحوه، وفي طرائق الإبانة وبلاغتها، وفي مأتي الحسن في الشعر، ومصدر الإمتاع والمؤانسة في السرد، فرحين بما آتاهم الله، من إمكانات تواصلية يتمتع بها النظام العصبي الناقل لهذه العبقرية، عارفين بأن اختيار المولي جل جلاله العربية لغة القرآن الكريم فيه من الدلالة علي قوة الإمكانات التواصلية والاتصالية، ما فيه من سر عند أصحاب نظريات اللغة وعلماء بيولوجيا الاتصال العصبي وأنظمة الاتصال من قدرة علي تحقيق وظائف اللغة وكفاءة في نقل الرسالة وبث الإشارة، وفيه ما فيه من معني عند المتدينين وأصحاب الاعتقاد من خير كثير وبركة عامة، وحكمة بالغة في أن تختار لغة دون غيرها للرسالة السماوية، فذلك مما لا يدركه غير المتدبر لحكم لله ولله في خلقه شؤون.