عرب أميركا.. تركوا أوطانهم طلبا للعلم أو العمل في المهجر. بعضهم قدم إلى الولايات المتحدة مصحوبا بشركاء حياتهم. آخرون يواجهون الغربة ويحاولون الاستقرار في بلد لا يوفر دائما فضاءات للقاء بين العزاب.
ففي منطقة واشنطن الكبرى، يجد شباب مسلمون أن البحث عن شريك الحياة مهمة صعبة، بسبب اختلاف العادات والتقاليد، وضغوط العمل، وانحسار العلاقات الاجتماعية.
وفي ظل هذه الظروف، أصبح إيجاد شريك للحياة أمرا معقدا، فبينما يفضل البعض الزواج التقليدي مستعينا بالأهل في بلدانهم الأصلية، يلجأ آخرون إلى الإنترنت.
وبات هناك الكثير من المواقع الإلكترونية والتطبيقات على الهواتف الذكية وغرف الدردشة مهمتها توفير فضاءات للتعارف بين الشباب المسلمين.
وقد تطورت بعض العلاقات الافتراضية إلى الزواج، فيما تصطدم علاقات أخرى بعادات وتقاليد ترفض مثل هذه السلوكيات، ناهيك عن مخاوف يبديها البعض حول التعارف من وراء الشاشات، والثقة الممنوحة للطرف الآخر.
تطبيقات ونماذج
واتخذ عزاب مسلمون كثر من الفضاء الافتراضي متنفسا لهم للقاء شريك مفترض، فظهر تطبيق "minder" الذي يحاكي نسخة Tinder العالمية للقاء بين العزاب.
ويختص هذا التطبيق بـ"المساعدة على تواصل مسلمين أذكياء، مرحين، ومثيرين للاهتمام بعضهم ببعض"، حسب موقع التطبيق.
وعلى غرار ذلك، هناك موقع "Muslima"، الذي يؤكد في موقعه أنه منصة "للعثور على شريك حياتك المسلم".
ويروّج التطبيق لنفسه على أنه "موثوق يستخدمه أكثر من خمسة ملايين مسلم في جميع أنحاء العالم".
ويعرض موقع "Muslima" شهادات لأشخاص تزوجوا عبر الإنترنت، وتكللت تجربتهم بالنجاح، وانتهوا إلى الزواج والإنجاب.
"لا إشكالات شرعية"
وفي هذا السياق، يقول الشيخ طارق يوسف، وهو إمام مسجد في مدينة نيويورك، إن "تعارف الشباب المسلم عبر الإنترنت بقصد الارتباط هو أحد الحلول القوية التي تيسر الأمور، لأن الإنسان عندما يعيش في الغرب تضيق عليه السبل".
وكان بعض المهاجرين العزاب يعتمدون على "الخاطبات" في الزواج، غير أن الشيخ طارق يوسف يؤكد أن "من يتولون هذه المهمة قد لا يحسنون الاختيار، ويطلبون مبالغ مالية كبيرة، بينما تنتهي العلاقات بالفشل أحيانا".
ويتابع: "تظل الشبكة العنكبوتية أفضل وسيلة، إذ لا أحد يخدع أحدا. في النهاية يتقابل الشاب مع الفتاة، وإذا كانت الأخيرة من أسرة محافظة سيلتقي بعائلتها بعد التعارف".
ويقول "ليس هناك إشكالات شرعية في هذا الأمر، إلا إذا خرج الكلام عن الحدود. فإذا جلس الشخصان في مكان عام أمام الناس، فلا يوجد حرج شرعي إذا تكلما باحترام".
قصص تعارف.. بين النجاح والفشل
تختلف وجهات النظر حول هذا الأسلوب الجديد للتعارف، فهناك من يقلل من شأن إمكانية لقاء الشريك "المثالي" في العالم الافتراضي، في المقابل يرى آخرون غياب البدائل لمواجهة العزوبية في مجتمع تتقلص فيه العلاقات الاجتماعية لأسباب عدة.
أحمد، "26 عاما"، ولد في ولاية ميشيغان الأميركية من أبوين لبنانيين، يحكي قصة تجربته الناجحة مع "المواعدة الافتراضية".
يقول إنه "كان محظوظا بالعثور على شريكة حياته المسلمة في الولايات المتحدة".
ورغم أنه يقطن في منطقة أميركية تضم جالية عربية كبيرة، إلا أنه لم يستطع إيجاد أي فتاة تناسب شخصيته، فاتجه إلى الإنترنت محاولا التعرف على فتيات للزواج، لكن عوائق كثيرة، منها الدين، كانت تحول دون إتمام العلاقة، إلى حين عثوره على نصفه الآخر عبر تطبيق إلكتروني خاص بالمسلمين.
فندرة العلاقات الاجتماعية بين العائلات وكثرة الانشغالات اليومية، بالإضافة إلى انقطاعه التام عن لبنان، عوامل كلها دفعت أحمد إلى خوض غمار تجربة الزواج عبر الإنترنت، مستندا إلى إيمانه بـ"القدر".
لا يقاسم محمد، وهو اسم مستعار، وجهة نظر أحمد، فهو يرى أن الزواج عبر الإنترنت يفشل باستمرار.
قدم هذا الشاب، "39 عاما"، إلى أميركا قبل 10 سنوات. يقول "عشت في ولاية لا تضم جالية عربية كبيرة. كنت أحس بالعزلة".
ومع صعود نجم مواقع التعارف عبر الإنترنت بين عامي 2006 و2007، وظهور المواقع الخاصة بتزويج المسلمين، يؤكد أنه "سجل اسمه في أحد هذه المواقع، ودفع 35 دولارا كاشتراك شهري".
ويوضح أنه اشترك لمدة شهرين أو ثلاثة، مشددا على أن التجربة لم تكن ناجحة، "لأن الفتيات هنا يبحثن عن شخص مستقر ماديا، في حين كنت جديدا على البلاد وعملي كان متواضعا".
ويشير إلى أنه التقى بثلاث فتيات ولكنهن، حسب رأيه، "كن مختلفات. العالم الافتراضي يختلف عن الواقع، لذا لم ينجح الأمر".
ويضيف قائلا: "بعد فترة وجيزة، التقيت بزوجتي ولكن ليس عن طريق الإنترنت. عموما، الزواج نصيب في النهاية".
تويتر.. لاعب أساسي
وعلى تويتر، يعمد مغردون إلى الترويج لتطبيقات خاصة بتعارف المسلمين والمسلمات بنية الزواج.
radiosawa