أود التذكير بادئ ذي بدإ ان الناصريين والاخوان هما الفصيلان اللذان بدا ولأول وهلة أن النظام ظل يقربهما. أحدهما من خلال الاعتماد المباشر(الناصريون):أدوار المرجعية مثلا. والآخر(الإخوان ):من خلال المغازلة والمناورة، التكليف بادوار ترويج الاجماع السياسي وسيادة روح المصالحة الوطنية.
الفصيلان إذن من أهم الكتل السياسية التي يعول عليها النظام، لأن الكتل القبلية والإنتهازية(اللحلاحة )مجرد فقاعات لا قيمة حقيقية لها من الناحية السياسية.
وعليه فإن صراعا حادا كالذي بدأ يطفو علي السطح -وهو نفس صراع الإخوان مع جمال عبد الناصر - يعد بمثابة دق ناقوس خطر بالنسبة للبلد والنظام معا، لكون مصلحة البلد ترتبط راهنا بمصلحة النظام. فالاخيرة تجسيد للأولى. أضف الي كل هذا الظروف الداخلية والخارجية التي يجتازها النظام وبالتالي البلد. فقد سجلت داخليا انتفاضات عنيفة(كوبني، الشامي ،اركيز، ،بابابي...مثلآ، وكذلك مشكلة الرئيس السابق أو ما بات يعرف بمشكل العشرية والتي تمتاز بالغموض ).وقد كان تعاطي النظام دون المستوي المطلوب مع هذه الإنتفاضات. تعاط طبعته المقاربة الأمنية والاعتماد في التفسير علي دور الرئيس السابق-علي أن دوره قد يكون ابرز في الدوائر القريبة من صنع القرار-ومهما يكن من أمر فإن المقاربة البوليتيكو-اجتماعية هي الأنسب لنزع فتيل الازمة التي سببت هذه الإنتفاضات. وإلافإن المسؤول المحتمل عنها سيكون كمن ينحت في صخر ليحقق مآربه
بدل ذلك، كيف يعقل تكليف احد أفراد الحكومة التي هي بطبيعة المنطق مستفزة، لأنها هي المسؤولة عن السياسات والوضعية التي في ظلها قامت الإنتفاضات العنيفة، بإخماد أحداث هم من سببها والتضحية في النهاية بمساكين كالحاكم المساعد والطبيب وصاحب الحالة المدنية ومفتشي التعليم؟!
الأمر علي غرابته يشبه فعل من يريد إخماد حريق من خلال صب الزيت عليه!
في حين أن الظروف الخارجية تبدو أكثر مدعاة لليقظة والحذر. فعلي الحدود الشمالية يتم الإعداد لحرب سنكون أول من يكتوي بلظاها بعد الطرفين المنفذين لها
بل إن الحرب قائمة يوميا بين البوليزاريو والمغرب، حسب ما تفيد الاخبار الواردة من عين المكان.
وعلي الحدود الشرقية والشرق جنوبية توجد عملية لي ذراع بين فرنسا و الروس، بالإضافة إلى المشاكل التقليدية لمنطقة الساحل:الإرهاب و الصراعات الإثنية. وعلي الحدود الجنوبية-الغربية رصيد من التوتر والنزاعات وجبهة قابلة للتحريك في أي وقت طبقا لأجندات أجنبية.
إن عملية توازن دقيق بين الأطراف الداعمة للنظام، هي ما تحتاجه اللعبة الآن بالتزامن مع الشروع في تكوين طبقة سياسيةذات ولاء خاص ومخلص للنظام، هذا علي المستوي الأول.
أما علي المستوي الثاني فيجب إسناد مهمة دور الإتصال بالجماهيرللحزب الحاكم وخصوصا تلك النخبة النظيفة من الحزبيين التي لم تتلطخ ولا زالت تحتفظ بنظافة ايديها.
وعلي المستوي الثالث:فإن تكليف حكومة وطنية علي مستوي التحديات تعيد للمواطن الثقة والأمل تعد ضرورة باتت ملحة.
حفظ الله البلد ووفق القائمين على الأمر.