.jpg)
الساعة تشير إلى الثامنة إلا ربع صباحا حسب توقيت ساعة المدير والتي لا ينفك لحظة إلا وينظر إليها بكبريائه وشموخه المعهودين وسط هيبة منقطعة النظير ممن حضر من الطلاب في جو يسوده الهدوء (عادة بدافع الخوف من ضرب السياط في الصباح الباكر )...
-- طبعا المدير هو نفسه المعلم الوحيد في المؤسسة والتي تتكون من فصلين يتم فيهما تدريس ستة أقسام !!! --
دقت ساعة الحسم إنها الثامنة الآن حسب آخر لفتة للمدير نحو ساعته، ليرفع رأسه مشيرا إلى ذاك الطالب الذي حضر أولا من زملائه فيأمره أن يدق الجرس...
_يسترق الطالب في نفسه ابتسامة خبيثة ويفرح بصمت وكأنه حاز على جائزة عظيمة !!
بالفعل هي جائزة لاتقدر بثمن بالنسبة له فقد حاز على كسب ود المدير لهذا اليوم_
يخرج الطالب من بين التلاميذ بفخر واعتزاز رافعا رأسه ، وبخطى ثابتة يتوجه نحو الجرس ليضربه بأقسى ما أوتي من قوة محاولا التغلب على النعاس بالتمعن في عدد الضربات الثلاث المتواتر عليها...
يصطف جميع الطلبة بتشكيل عجيب
فمع انتهاء ضربات الجرس يكون الكل قد لزم مكانه من الصف المتعارف عليه (البنات على جانب والأولاد على جنب ) ...
_يمر المدير من بين الصفوف حاملا معه سوطه لعله يكتشف خللا في أحد الصفوف حتى ينال صاحبه نصيبه من ضرب السوط_
بعدما دقق في كل الصفوف يقف المدير (المعلم) أمام الجميع ليبدأ الكرنفال الرسمي: فينهر بأعلى صوته قائلا : (تعليق ..سدل. تعليق ..سدل...)
وتارة يعكسها (سدل...تعليق ...) بغية إيجاد فريسة لسوطه نتيجة لغلط أحدهم في أداء تحركاتهم الجماعية العجيبة و لكنهم ومن التعود قلما يخطئ أحدهم فالمشهد يتكرر كل يوم ...
تنتهي الفقرة الأولى وسط رضى باد على وجه المدير أوحسب رغبته وقتما يشاء لتبدأ الفقرة الثانية : النشيد
فيردد وبصوت شجي يغمره الخجل _(ففي النهاية هو رجل كبير،في السن ذا هيبة ووقار)_ يردد والكل من خلفه يسير على خطى التلحين :
بحق الكتاب وحق الوطن :: سنكتب ما قد محاه الزمن
دعانا الأمين لحزب حمى :: قديم العهود و وحيَ السما
بذلنا الجهود وكنا يدا :: وجئناك لما سمعنا الندا
...
إلى آخر بيت من النشيد
فيصيح الجميع بصوت واحد وسط تصفيق حار لتبدأ فعاليات دخول الفصول :
البنات أولا (في تأكيد من المدير على قيمة مكانتهن في المجتمع ...
وحفاظا منه على الأمن نتيجة تسارع الأولاد نحو الدخول ...)
ثلاثة أقسام يدخلون في فصل وقسمان في الفصل الآخر
أما القسم المتبقي فهو للسنة الأولى والتي بالنسبة للمدير قد لا تشكل فرقا عن الثانية وقد مزجهما مع الثالثة والرابعة في فصل واحد !!!.
إنه مشهد سيتكرر كل يوم .
ولعل هذه هي الطريقة الوحيدة التي يستطيع من خلالها إدارة عالمه الخاص وعمله العام والسيطرة على تدريسهم جميعا ...
تحياتي
محمدصالح/شامخ
