قلم / غسان مصطفى الشامي
وسط انشغال الفلسطينيين في الأوضاع السياسة الجارية وتطوراتها،
واستمرار انتفاضة القدس رغم محاولات إجهاضها والتآمر عليها، والعمل على إفشال المئات من العمليات البطولية في القدس ضد الجنود الصهاينة، رغم كل ذلك يواصل الكيان تنفيذ مخططات السرقة والاستيلاء بحق أرضنا المحتلة، ولا يأبه الكيان الصهيوني لكافة الانتقادات الأمريكية أو الأوربية لبناء المستوطنات بل ويضرب بعرض الحائط التصريحات والبيانات الدولية التي تطالبه بوقف الاستيطان، ويواصل الاستيلاء على الأراضي، وبناء المجمعات الاستيطانية الكبرى .
وقد أعلن الكيان الصهيوني قبل أيام عن نيته السيطرة والاستيلاء على حوالي (1540) دونم من الأراضي الفلسطينية قرب أريحا لتصبح تحت السيادة (الإسرائيلية) تحمل مسمى " أراضي دولة"، وذلك تمهيدا لإقامة مجمعات استيطانية كبيرة على هذه الدونمات من الأراضي الفلسطينية .
وأوضحت مصادرنا الفلسطينية أن قطعان المستوطنين في منطقة الأغوار الفلسطينية تمكنوا من السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي بمساعدة الحكومة (الإسرائيلية) التي قامت بمنع المزارعين الفلسطينيين من استخدام هذه الأراضي واستصلاحها، في سعي من الصهاينة إلى السيطرة والاستيلاء على هذه الأراضي لتنفيذ المخططات الاستيطانية.
كما وتشير مصادرنا إلى أن منطقة الأغوار الفلسطينية من المناطق الجغرافية الهامة، وهناك أراض يسيطر عليها الاحتلال ويصنفها على أنّها مناطق تدريب عسكري يُمنع استخدامها من قبل المستوطنين والفلسطينيين على حد سواء، لكن هذه الأراضي تم تسريبها للمستوطنين، وهي اليوم مزروعة بأشجار النخيل وتمتلئ بالبيوت البلاستيكية، فضلا عن أن الحكومة الصهيونية عزّزت من تواجد المستوطنات في منطقة الأغوار بشكل كبير حيث يبلغ عدد المستوطنات في الأغوار حوالي 32 مستوطنة، و5 بؤر استيطانية كبيرة .
ويرى كاتب السطور أن التوسع الاستيطاني يعتبر من الأولويات الكبرى لدى حكومة (نتنياهو) المجرمة، بل إن هناك امتيازات كثيرة قدمتها الحكومة الصهيونية للمستوطنين كما رصدت ميزانيات طائلة لبناء الوحدات الاستيطانية، وتكثيفها في الضفة والقدس المحتلة.
ويشدد الكاتب على أن حكومة الاحتلال تواصل يوميا بناء الثكنات الاستيطانية في الضفة والقدس المحتلة بلا حسيب ولا رقيب، كما أن رئيس الوزراء الصهيوني (نتنياهو) لا يأبه لردود الأفعال الدولية أو المطالبات من قبل أمريكا وألمانيا وبريطانيا بوقف التوسع الاستيطاني الذي يهدد حل الدولتين، فيما يعتبر نتنياهو الاستيطان خطا أحمرا، كما أن ن حكومة (نتنياهو) تسجل في كل يوم إنجازات كبيرة للمستوطنين، وتوفر لهم الأمن والحماية، بل وتقدم لهم كل الدعم والمساندة في تنفيذ جرائم القتل تجاه الفلسطينيين وسرقة أراضيهم.
وقد صرح وزير الجيش الصهيوني (موشيه يعلون) قبل أيام في الصحافة العبرية، أن العمل في ملف الاستيطان يسير بهدوء ولا يهم (إسرائيل) الانتقادات الأمريكية والأوروبية بشأن الاستيطان، وأن الاستيطان تضاعف في الضفة المحتلة منذ عام 2009م إلى اليوم، حيث أصبح عدد المستوطنين وفقا لآخر إحصاء( 407 ألف ) مستوطن في الضفة المحتلة، وكان عددهم عام 2009م قرابة ( 280 ألف) مستوطن.
ويرى الكاتب أن دولة الكيان قامت بالأساس على سرقة الأراضي، والاستيطان منذ بناء أول مستوطنة صهيونية على أرضنا المباركة وهي مستوطنة (بتاح تكفا) التي أقيمت في عام 1878م على أراضي مدينة يافا الفلسطينية، كما أن الملف الاستيطاني يعد من الملفات الأساسية على طاولة مجلس الوزراء الصهيوني، حيث تنفق الحكومة الصهيونية ميزانيات كبيرة لبناء الوحدات الاستيطانية، وجلب المستوطنين إليها، كما أنها تخطط خلال الأيام القادمة على تكثيف بناء الوحدات الاستيطانية في الضفة المحتلة والقدس.
وقد يشهد هذا العام 2016م بناء الآلاف من الوحدات الاستيطانية، وهذا ما أكده المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان في تقريره الأسبوعي، كشف فيه أن الحكومة (الإسرائيلية) تواصل سياساتها وبشكل محموم بفرض السيطرة على أراض فلسطينية لتوسيع المستوطنات، وتتخذ القرار تلو القرار بتحويل أراض في المناطق الفلسطينية المصنفة ( ج ) في الضفة الغربية – حسب اتفاقية أوسلو- إلى أراضي دولة، وذلك بهدف تمكين المستوطنات من التوسع بغطاء تعتبره سلطات الاحتلال قانونيا.
وذكر المكتب الوطني في تقريره أنه لا يكاد يمر أسبوعا دون مصادرة أراضي أو هدم مساكن فلسطينية أو تهجير للسكان ، وخاصة في مدينة القدس المحتلة ومحيطها وفي مناطق الأغوار الفلسطينية، وأن وزراء حكومة (نتنياهو) يعلنون في تصريحاتهم دعمهم ومساندتهم للاستيطان حيث صرح وزير الاستيطان الصهيوني بأنه قد يكتفي في الاستيطان في منطقة (ج) في الضفة ويتحدث عنها كأنها مجرد بضعة دونمات، علما أنها تشكل60% من مساحة الضفة الغربية تمتد شرقيّ الضفة من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها، إضافة إلى امتداداتها المختلفة وسط الضفة المحتلة،وهي متصلة جغرافيًا ببعضها، وبدونها لن يكون هناك أي كيان فلسطيني أو أي دولة فلسطينية مستقبلية .
إن ما تقوم به الحكومة (الإسرائيلية ) من مواصلة بناء المستوطنات في أراضي الضفة المحتلة وتنفيذ مخططات تهدف إلى فصل القرى الفلسطينية في شرقي القدس عن المدينة، واستكمال بناء الجدار الفاصل في الضفة الغربية يؤكد ذلك على النوايا الخطيرة للحكومة الصهيونية، وأنها ترفض كافة الحلول السلمية أو - التفاوضية - فيما يخص الأرض الفلسطينية، ولهذا يجب على المفاوض الفلسطيني أن يدرك أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، وأن المقاومة والنضال هي الأساس لتحرير الأرض والإنسان الفلسطيني .