تحدث مركز كارينغي للشرق الأوسط عن الترابط الأمني بين المنطقة المغاربية والساحل، قائلا إن التحديات الأمنية بالمنطقة المغاربية تتصل اتصالا جوهريًا بحالة عدم الاستقرار السائدة في منطقة الساحل.
وأورد المركز ضمن تقرير أعده محمد أحمد كين، أستاذ الدراسات الثقافية والهوياتية بجامعة ابن طفيل، أن هاتين المنطقتين تواجهان أزمات أمنية كبرى، تتفاقم بفعل الترابط العميق بينهما، وأضاف أن “عقيدة العداء الجيوسياسي التي تُؤثر في موازين القوة على الساحة المغاربية يتردد صداها بالساحل، بينما الأزمات الأمنية المُركبة التي تتمدد بدول الساحل أصبحت عوامل طاردة للمجموعات البشرية نحو الشمال، بشكل أصبح يلقي بظلاله على الأجندة السياسية بدول شمال إفريقيا والاتحاد الأوروبي أيضًا”.
وأبرز التقرير أن “الإحباطات الهوياتية المتراكمة بالساحل تعتبر أحد الأسباب الرئيسة الكامنة وراء بروز مظلوميات بقيت مُعلقة دون حل بدول المنطقة، ما أدى إلى تصاعد التحديات الأمنية، وتعقيد أي مساعٍ تُبذل من أجل تحقيق السلام هناك؛ ومثال ذلك ما نشهده من استغلال تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى”؛ كما أوضح أن فرنسا تحتفظ بحضور أمني قوي في منطقة الساحل، وذلك منذ تدخلها العسكري شمالي مالي عام 2013، من خلال عملية ‘سيرفال’ التي حملت اسم عملية ‘برخان’ عام 2015.
وحسب الوثيقة ذاتها فقد “استمر هذا الحضور في الآونة الأخيرة عبر قوة تاكوبا بقيادة فرنسا والاتحاد الأوروبي، التي انضمت إلى عمليات تحقيق الاستقرار في المنطقة”، مستدركة: “غير أن كل هذه العمليات التي قادتها فرنسا عانت من افتقارها إلى الرؤية، فنجمت عن تدخلاتها خسائر فادحة في الأرواح، ودفعت بالآلاف إلى الفرار أمام موجات الإرهاب والعنف الأهلي المتصاعدين. وبينما يستمر الوضع الأمني في منطقة الساحل في التدهور، يثير الوجود العسكري الفرنسي سخطا كبيرا لدى الرأي العام في فرنسا”.
وقال معد التقرير إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يسعى، على بُعد سنة من الانتخابات الرئاسية بفرنسا المزمع تنظيمها سنة 2022، إلى إقناع الناخبين الفرنسيين بما يعتبره نجاحا في المهمة التي أُنشئت عملية برخان من أجلها.
وتحدثت الوثيقة عن إظهار ماكرون حماسة كبيرة في كلمته الموجهة إلى قمة نجامينا الأخيرة، حيث أشاد بدور دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، ومشاركة المغرب والجزائر في تصوره للتدبير الأمني للأزمات بالساحل، وزادت: “ومع ذلك، تُعد الاحتجاجات العارمة ضد الوجود العسكري الفرنسي، التي شهدتها مالي في يناير 2021، مؤشرا ضاغطا يدفع فرنسا نحو تنزيل مقاربة أمنية بتكلفة سياسية منخفضة، لا تؤثر على سمعتها بالمنطقة، كونها تدرك أن وجودها في طليعة العمليات بالساحل يضعها في مواجهة مباشرة مع أي تحديات محلية وإقليمية، تهدد في النهاية مصالحها الإستراتيجية”.
وفي كلتا الحالتين، تبرز الوثيقة أن “الاعتماد الأحادي على المقاربة الأمنية يُنتج فهما قاصرا للأزمات المطروحة، كونها متجذرة ومتعددة الأبعاد؛ أضف إلى ذلك أن الاعتماد الفرنسي على دول مغاربية حليفة يتجاهل حقيقة أن كلا من هذه الدول لديها خياراتها الخاصة في رسم سياستها الخارجية”.
هيسبريس - آمال كنين