ذات يوم من خريف العام 2017 حيث كنت في تونس العاصمة مع بعض الإخوة المختصين في مجالات عدة منها التكوين و التأطير و تنمية الموارد البشرية، سألني أحدهم عن أهم الثروات الوطنية في موريتانيا، و في معرض إجابتي عن سؤاله خطر ببالي أن أقدم له الثروات الموريتانية من حيث الاستغلال حيث أخبرته أن الثروات الموريتانية مقسمة من حيث الاستغلال إلى قسمين قسم مستغل بشكل مفرط و يتعلق الأمر بالمعادن و الثروة السمكية و قسم مهمل و يتعلق الأمر بالزراعة و التنمية الحيوانية.
اليوم و أنا أتلقى المفاجئة الكبيرة التي شكلها بالنسبة لي اعلان رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني إنشاء صندوق لدعم التنمية الحيوانية، لا بد لي أن أعيد التصنيف من جديد و أحدد معالم و درجة استغلال الموارد الطبيعية التي يمتلكها البلد.
إن الرسالة الأهم التي حملها رئيس الجمهورية و هو ضيف على تمبدغة المنسية منذ قرون و التي تعتبر عاصمة الثروة الحيوانية، هي الجد و الاجتهاد في رعاية المهمل و صيانة المستغل و الاستفادة من كافة الموارد التي يملكها الشعب سبيلا إلى إسعاده.
هذه الرسالة المفرحة جدا لم تنتظر طويلا ليتم التجاوب معها سريعا من طرف المصارف الموريتانية، بإعلان أربعة مصارف هي البنك الوطني لموريتانيا و بنك الأمانة و البنك الموريتاني للإستثمار و بنك التجاري عن تقديم قروض وصلت أكثر من 3 مليارات لصالح هذا القطاع المهم و الحيوي، خبر سعيد يوحي بحصول الطمأنينة لدى المستثمر المحلي حيال الدولة و مشاريعها و سياساتها و هو ما يعني أن رجال الأعمال الموريتانيين تجاوزوا صدمات 2008 و 2009 التي كادت تقضي على الاقتصاد الوطني.
تلك الهوة الكبيرة و المسافة الشاسعة التي أوجدها الخلاف بين رجال الاعمال و الدولة و امتهان الأخيرة لكرامة أرباب العمل و محاربتها للناجحين منهم فيما يبدو بدأت تختفي، و هذا مؤشر اقتصادي قوي يعني أن مستويات البطالة و الفقر ستبدأ في التناقص بمجرد ما أن يتجسد مزيد من الثقة و العمل المشترك بين الدولة و القطاع الخاص و خاصة الممولين و المستثمرين من أمثال ملاك المصارف.
هذه الرسائل الجميلة و السعيدة لم تكن لتوجد لولا المجهودات الجبارة و التضحيات الكبيرة لأرباب العمل الموريتاني خاصة ملاك المصارف منهم و مجهودات و تطمينات رئيس الجمهورية التي سعى من خلالها لفتح المجال أمام مزيد من التشارك و مزيد من الانفتاح و الانفراج و هو ما يعني أن العمل بدأ بالفعل.
و يبقى فقط أن نواصل في هذا المسار و نقدم مزيد الضمانات للمستثمرين المحليين الذين و للأمانة هم مفتاح الولوج للمستثمرين الأجانب و هم من يبعث ارتياحهم المستثمر الأجنبي إلى الدفع باستثماراته إلى البلد.
أتمنى من قلبي أن يواصل الرئيس في هذا المنوال، و أن يتوجه الجميع للعمل بشكل جماعي و جاد سبيلا لتنمية البلاد بعيدا عن الصراعات و التجاذبات، و لن يتحقق ذلك إلا بالتركيز على القطاعات الحيوية و السعي الحثيث إلى الرفع من قدرة الإطار البشري و تنميته من خلال التعليم العالي و البحث العلمي و من خلال كذلك التكوين و التأطير، هذه هي السبل الكفيلة بنجاح مهمة الرئيس و بلوغ الأهداف المنشودة لرجال الأعمال النجاح و التوفيق و للشعب الازدهار و الرخاء.
محمد فاضل الهادي