السيد الرئيس: محمد ولد غزواني،
السلام عليكم ورحمة الله،
دعني أغسل لك أذنيك مجانًا، وأعقمهما لك مع عينيك، ثم أُحَصِّنُها -في سبيل الله- مما ستسمع وسترى اليوم وغدًا من الكذب والنفاق والزور والبهتان والتملق والتزلف والإبتذال والمداهنة وخيانة الأمانة ... :
- أنت مجرد جنرال متقاعد شاءت لك الأقدار أن تكون صديقا حميمًا لجنرال انقلابي آخر، شاركتَه في عدة انقلابات عسكرية ظاهرة وأخرى باطنة، ساهَمَتْ نتائجها فيما عليه موريتانيا وشعبها اليوم من الفقر والتخلف والإنحطاط،
- نِلتَ وصديقك رُتَبَكُما العسكرية الأخيرة (جنرال، لواء، أركان حرب، مشير ...) في الظروف التي نعلمها جميعا،
- ووزعتما نفس الألقاب والتسميات والمواصفات على بعض اصدقائكم وزملائكم في الجيش والأمن، دون آخرين، بالمعايير التي تعرفون والنظم التي تعتمدون، تماما كما فعلتم وتفعلون، بوظائف الدولة ومناصبها وخيراتها وريعها ...
- أنتم من سلسلة عسكرية من حُكَّام هذا البلد، لا يصلح أي منكم مطلقًا (بتفاوت طبعا) لحكم الدولة المدنية العصرية ... ولا تصلح هي لكم ...فكلما ناقض للآخر ...
- ففي ظل أحكامكم، غير العادلة، استشرت المحسوبية والقبلية والجهوية وبلغ الخطاب العنصري التحريضي ذروته، واستفحلت الفئوية والطبقية، وتوسع نفوذ الجنرالات ورؤساء القبائل وانتهازيي رجال الأعمال،...
- وتحت أنظمتكم، خَنَع جهاز القضاء، وخارت المنظومة العدلية، وتَفَتَّتْ اللُّحمة الوطنية، وانهارت القيم الأخلاقية، وتقهقرت منظومة التربية والتعليم، وخُرِِّب النظام الصحي، وتهالك الإقتصاد، وتآكلت المالية، وزادت المديونية، وعَمَّت البِطالة وفسد الشُّغل والتشغيل، وانخرمت البنى التحتية وانعدمت، وهانت الدبلوماسية، وهَزُلت الثقافة، وشَحَتَ الإعلام والإعلاميون، ورَدَأَ الفن واحْتُقِر الإبداع ومات الإبتكار، واختلت مفاهيم المجتمع وموازين القسط، وفسدت عقليات النَّشئِ وانتشر الإحباط وعمت الفوضى الإدارية، واحْتُقِر النظام واستُهزء بالتنظيم وسُخر بالمنتظمين، وبيع الدين ولُبِس التَّديُّن ...
- وفي ظل تسييركم وتدبيركم للشأن العام، وُلِدت أحزاب "حاكمة" مكتملة الخِلقة الجسدية، فارغة الروح المعنوية، قصيرة الأعمار، ممسوخة الهوية، غائبة الإيديولوجية الفكرية، كالإتحاد "من أجل رئيس الجمهورية الحالي"، ذي المرجعية المتحولة، والبوصلة المتأرجحة، التي ستؤول إلي خَلَفِك، دقيقة بعد غيابك أو تغييبك ياغزواني ...
- وتحت أنظمتكم، حوصر أشراف المعارضين وأُذِلُّوا وَجُوِّعُوا، لصالح أوباش معارضات الأشخاص والأمعاء والأنانية النرجسية، وحثالات الموالاة من فلول الأنظمة الفاسدة، وأوغاد المخازن الظالمة المتعاقبة، ووزعت التعيينات والمناصب والصفقات بين الأكثر نفاقًا، الأقل أخلاقًا، الأفقر ضميرًا، الأغيب كرامةَ، والأكثر تصفيقا والأبلغ تلميعا، والأجمل تزميرًا ...
- وتحت أحكامكم، يتقلب المفسدون ويُدُور الفاسدون بين المسؤوليات الكبيرة، مستأثرين بالأمانات الجسيمة من حقوق الشعب وأقواته ومصير أمته ...
- وتحت حكوماتكم، تُعَطَّلُ القوانين وتداس مقتضيات الدستور وتُلغى المُثل العليا ويتصدر الرُّوَّيبضات، وتنتهك القيم وتُستباح حقوق العباد وخيرات البلاد ...
- وخلال تسييركم، يُماطل في استرداد أموال العشرية المنهوبة ويُتَراخى في استكمال تحقيقاتها، ويعتذر للظَّلَّمَة ويقمع المظلومون، ويعاد الإعتبار للصوص، و يُكرم مَصَّاصُوا الدماء من المرتزقة، ويُدنى عتاة الفسَدَة وجبابرة أحكام السوء والمكروه السابقة ...
- ومن تسييركم، تتفاقم ضبابية صرف صندوق كورونا ولقاحاته، ويترك الحبل على الغارب في ديون علي الرضى، وتهمل تقارير محكمة الحسابات ويستهان بسرقات البنك المركزي، ويعلق أمر مَكَبّ "تيفيريت" المُسرطن، ويعذب الشباب ويهانوا وتنتهك أعراضهم في مخافر الأمن، بسبب الإحتجاج على سموم "اسيانيد"، ويترك المنقِّبون عن الذهب للمجهول بعد أخذ الإتاوات والضرائب على كواهلهم، لتلدغهم حيات الصحراء وعقاربها، وتنهار عليهم آبار الفيافي والغفار، ليتمدد ويزدان عدد وفيات حوادث السير بحوادث الهدم والإنهيار والتنقيب،
- وفي عهودكم المظلمة الظالمة، وأزمنتكم الرديئة، يُمنَع الطلاب من التسجيل بالجامعة اليتيمة والمعاهد القليلة، لأنهم ضُبِطوا مُتلبِّسين "بجريمة" بلوغهم لسن الخامسة والعشرين، في بلد لا يملك استراتيجيات ناهضة في التربية ولا أخرى في التعليم ولا في التكوين، ولا ولا ...
- وفي أزمانكم، يُذَلُّ الطبيب، ويمتهن الصيدلاني كالحانوتي؛ لبيع سموم الموت وأدوية السراب، وتَقِلُّ اكتتابات الطواقم الصحية ويُشرد طلاب الطب ويهان المتعاقدون والمقيمون، حتى يصلوا إلى نقطة الإحباط ومرحلة المرارة المناقضة لمهامهم الجسيمة، والمنافية لأخلاقياتهم المهنية ...
...
أنتم هكذا يا أخي الكريم ...هذا جزء من حقائقكم، ولستم كما سيُقَال لكم اليوم وغدًا في مدينة تنبدغة !!! فالتوبة التوبة، والبِدار البِدار، فالشمس لم تشرق بعد من مغربها، والشعب لا يزال مسلمًا مُسالمًا، لم يعرف بعد الثورة ولا الثوران، ولا يحب الدماء ... لكن ذلك يسر ولا يغر، وقد لا يطول.
"الدرجة ينهرب بيها"
واستمع لكلام من يحبك ويُبكِيك، لا من يكرهك ويضحِكُكَ ويضحك لك، ثم يضحك عليك ومنك ...
سفر بالسلامة وعودة ميمونة،
اللهم فاشهد.
د. نورالدين محمدو
المنسق العام لمشروع "إلى الأمام ... موريتانيا"