في خطوة أثارت غضباً واسعاً في أوساط العاملين بقطاع النقل الخصوصي، أصدرت وزارة التجهيز والنقل الموريتانية قراراً يلزم الشركات باستخدام محطات رسمية معتمدة ويمنع التوقف أمام المحلات التجارية أو النقاط العشوائية لنقل الركاب. القرار، الذي يأتي ضمن مشروع "حركة نواكشوط آفاق 2026"، فُرض دون التشاور مع الفاعلين في القطاع، ما يهدد مستقبل مئات العاملين في هذا المجال.
ويرى ناشطون أن هذا القرار يعكس سياسة حكومية متخبطة لا تراعي الواقع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه المواطنون، خاصة في ظل تراجع القوة الشرائية وارتفاع تكاليف المعيشة. فإلزام الشركات بإنشاء محطات خاصة أو استئجار محطات معتمدة يعني تحميلها أعباء مالية إضافية، ما سينعكس سلباً على السائقين والعاملين اليوميين الذين يعتمدون على هذه المهنة كمصدر وحيد للدخل.
القرار، الذي وصفه البعض بـ"العقابي"، يندرج ضمن سلسلة من السياسات التي يعتبرها المتضررون مجحفة، حيث يرون أنه يهدف إلى التضييق على الشركات الصغيرة لصالح جهات معينة تهيمن على القطاع. وبالرغم من تبريرات الحكومة التي تتحدث عن "تنظيم النقل وتحسين المداخل"، فإن غياب رؤية شاملة ومراعاة لتأثيرات القرار على شريحة واسعة من المواطنين يعكس قصوراً واضحاً في التخطيط.
وأشار عدد من المتضررين في تصريحات خاصة لوكالة الإعلام الإخبارية إلى أن إدارة النقل سبق أن أبلغتهم بقرارات تم التوافق عليها، واتفقوا معها على إجراءات تنظيمية جديدة. إلا أنهم فوجئوا بإصدار قرار لاحق يمنعهم من إيقاف الحافلات أمام مقار شركاتهم، وهو ما وصفوه بـ"الخطوة المستنكرة والغريبة".
وأضافوا أنهم، امتثالاً للتوجيهات السابقة، قاسوا المسافات التي تفصل مقارهم عن الطريق الرسمي للتحقق من استيفائهم للشروط الأساسية. وأظهرت القياسات التزامهم الكامل بالمعايير المطلوبة، حيث بلغت المسافات ما يزيد علي 25 ميتر من الرصيف.
وطالب المتضررون الحكومة بالتراجع عن هذا القرار، محذرين من تداعياته الاجتماعية والاقتصادية التي قد تفاقم الأزمات القائمة. كما دعوا إلى فتح حوار جاد مع ممثلي الشركات لتطوير القطاع بشكل عادل يوازن بين التنظيم وضمان حقوق العاملين. فهل تستجيب الحكومة لهذه الأصوات، أم أن معاناة العاملين ستستمر تحت وطأة قرارات ارتجالية لا تلامس الواقع؟