الاتحادية الموريتانية لكرة القدم بين الإخفاقات والفساد
تُعتبر اتحادية كرة القدم الموريتانية واحدة من أكثر المؤسسات الرياضية إثارةً للجدل في البلاد، إذ تجمع في سجلها بين محطات مضيئة ساهمت في دفع كرة القدم الموريتانية إلى الواجهة القارية، وبين إخفاقات حادة واتهامات متكررة بالفساد وسوء الإدارة.
إخفاقات على الرغم من الموارد
على الرغم من الدعم الكبير الذي تتلقاه الاتحادية من الدولة ومن الفيفا وجهات دولية مانحة، بالإضافة إلى عوائد الإعلانات وعقود الرعاية، إلا أن كرة القدم الموريتانية لا تزال تعاني من أزمات متعددة.
غياب الدعم للأندية المحلية: يشكو العديد من رؤساء الأندية من ضعف الدعم الموجه لتطوير الدوري الوطني. كثيرًا ما تفتقر الفرق إلى الإمكانيات المادية التي تمكنها من التنافس محليًا أو إقليميًا.
البنية التحتية المهملة: على الرغم من المشاريع المعلنة لتطوير الملاعب، لا تزال غالبية المنشآت الرياضية في حالة يرثى لها، مما يعكس ضعف التنفيذ أو سوء إدارة الموارد.
أداء المنتخب الوطني: بعد النجاحات الأولية، شهد المنتخب الوطني تراجعًا ملحوظًا في مستواه الفني، وسط تساؤلات عن مدى استثمار الاتحادية في تطوير اللاعبين الشباب والبنية التحتية الرياضية.
ملفات فساد تثير الجدل
تتهم أطراف عدة داخل الوسط الرياضي أحمد ولد يحيى، رئيس الاتحادية، بتحويل المؤسسة إلى "إقطاعية خاصة"، حيث تُدار القرارات الكبرى بعيدًا عن الشفافية.
شبهات مالية: تشير تقارير غير رسمية إلى غموض في طريقة إدارة الأموال التي تتلقاها الاتحادية. فبينما تضاعفت الإيرادات في السنوات الأخيرة، لم تُظهر التقارير المالية المعلنة كيفية صرف هذه الأموال بدقة.
الإقصاء والترهيب: يتحدث بعض المراقبين عن سياسة "تكميم الأفواه" داخل الاتحادية، حيث يتم استبعاد الأصوات المعارضة أو المنتقدة لسياسة الرئيس، مع تعزيز ولاء المحيطين به لضمان سيطرته المطلقة.
مشاريع لم تكتمل: أعلن ولد يحيى عن عدة مشاريع لتطوير كرة القدم الوطنية، إلا أن الكثير منها لم يرَ النور، مما زاد من التساؤلات حول جدية هذه الخطط وواقعية تنفيذها.
إنجازات لا تكفي لتبرير التجاوزات
لا يمكن إنكار بعض النجاحات التي حققتها الاتحادية، أبرزها التأهل التاريخي للمنتخب الوطني إلى كأس الأمم الأفريقية عام 2019. كما ساهمت الاتحادية في تحسين سمعة موريتانيا الرياضية دوليًا. لكن هذه الإنجازات، رغم أهميتها، لا تعفيها من مواجهة التهم المتعلقة بالفساد واستغلال النفوذ.
هل الإصلاح ممكن؟
يطالب العديد من المهتمين بالشأن الرياضي بضرورة إجراء إصلاحات جذرية داخل الاتحادية. تتضمن هذه المطالب:
إجراء تحقيق مستقل حول الاتهامات المالية والإدارية.
تعزيز الشفافية من خلال نشر تقارير مالية واضحة ومدققة.
إشراك الفاعلين الرياضيين في اتخاذ القرارات المصيرية.
خاتمة
بين الإخفاقات المتكررة والاتهامات بالفساد، تجد الاتحادية نفسها أمام لحظة حاسمة تتطلب تغييرات جذرية لإعادة الثقة في إدارتها ولضمان تطور كرة القدم الوطنية. وحدها الشفافية والمحاسبة يمكن أن تفتح الطريق نحو مستقبل أفضل للرياضة في موريتانيا.