اليوم، 15 مارس، هو اليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا، ويبدو لي مُربِكا، بهذه المناسبة، صمتُ أكبر اثنتين من وسائل الإعلام الدولية التي "أدمنها" نوعا ما: لا تتحدث إذاعة فرنسا الدولية (RFI[i]) ولا قناة "فرانس 24" التلفزيونية عن الحدث؛ وهما مؤسستان عموميتان. وكأن فرنسا ببساطة، التي تعتز بكونها "مهد حقوق الإنسان"، غير معنية بهذه الظاهرة. بينما الأمر على عكس ذلك تماما، حيث تتحدث الأرقام عن نفسها:
"وفقا للتجمع ضد الإسلاموفوبيا في أوروبا (CCIE[ii])، سجلت فرنسا 828 تصرفاً معاديًا للإسلام في عام 2023، بزيادة قدرها 57% مقارنة بعام 2022. وتشمل هذه الحوادث التمييز (779 حالة)، والتحرش الأخلاقي (237 حالة)، والاعتداءات الجسدية (23 حالة).
وفي الوقت نفسه، أشارت وزارة الداخلية إلى زيادة بنسبة 30% في الأعمال المعادية للمسلمين في عام 2023، وهي زيادة ملحوظة بشكل خاص في سياق الحرب في فلسطين.
منذ عام 2015، كان ما لا يقل عن 33 مسجدًا هدفًا لهجمات الحرق المتعمد في فرنسا، وفقًا لتعداد بوليتيس. وتظهر هذه الهجمات مناخًا من العنف المتزايد ضد أماكن العبادة الإسلامية"[iii].
من الصعب تفسير صمت هذين الصوتين الفرنسيين التابعين للدولة حول هذا اليوم- يوم محاربة الإسلاموفوبيا ‼ هل ينبغي ربطه بوقائع أخرى قد تؤشر على تقصير في مجال محاربة الإسلاموفوبيا؟
فيما يلي نورد منها ثلاثة نماذج صادرة عن الحكومة الفرنسية:
امتنعتْ فرنسا – كما هو حال دول الاتحاد الأوروبي الأخرى-على التصويت على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الداعي إلى محاربة الإسلاموفوبيا.
في 2 ديسمبر 2020، أصدرت وزارة الداخلية مرسوم حل يستهدف جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان – تجمع مناهضة الإسلاموفوبيا في فرنسا (ٍADDH-CCIF)
في 9 مارس 2022، أعلن وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانين، عن حل جمعية "فلسطين ستنتصر" (CPV IV)
وتبرر السلطات الفرنسية إجراءات الحل هذه بأن المنظمتين المستهدفتين متطرفتان ومعاديتان للسامية. في حين، يلاحَظُ أنها غالبًا ما غضت الطرف عندما يتعلق الأمر بالإسلاموفوبيا. ولو أن أداء قناة "فرانس 24" وإذاعة "RFI" لم يكن معدوما ولا سلبيا تماما: تقوم الهيئتان الإعلاميتان بشكل عام بتغطية وإدانة الخطاب والأفعال العنصرية، بما في ذلك تلك التي تستهدف المسلمين. ولكن ليس بنفس درجة تغطيتهما للأعمال أو الجرائم المعادية للسامية أو غيرها. فالأصوات العنصرية والمعادية للإسلام، مثل السيد إيريك زيمور، والسيدة مارين ليبين، والسيد برنارد هنري ليفي وغيرهم ... أكثر حضورا بنسبة كبيرة على موجات "فرانس 24" و"RFI" من السرديات المعارضة لخطاب اليمين الفرنسي المتطرف المعادي للإسلام.
مما يشي بأن الهيئتين بحاجة ماسة إلى تحسين صورتهما فيما يعني التعاطي العادل وغير المنحاز مع المعلومة المتعلقة بحقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بمحاربة الإسلاموفوبيا واليمين المتطرف في فرنسا والعالم الغربي عموما.
البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)
[i] Radio France Internationale.
[ii] Collectif Contre l’Islamophobie en Europe.
[iii] https://www.aa.com.tr/fr/monde/15-mars-la-journ%C3%A9e-internationale-co...
[iv] Collectif Palestine Vaincra