قبل نحو 9 أشهر، أقنع الشيخ ولد بده المندوب العام للتآزر الوزير الأول المختار ولد إجاي بما أسماها "ميزات تفضيلية" وذلك بعد استغراب ولد إجاي وتفاجُؤه من الكلفة المخصصة لتشييد مدرسة في مقاطعة عرفات ضمن البرنامج الاستعجالي لتنمية مدينة نواكشوط.
180 مليون أوقية قديمة، هي الكلفة التي نفذت بها المندوبية المدرسة، وهي كلفة كافية لتشييد مستشفى بكامل تجهيزاته الطبية، وإن خصصت لبناء مدرسة، فهي بالتأكيد مجهزة تكنلوجيا إن لم تضم "ميزات تفضيلية" على نحو استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة.
المفاجأة أن المدرسة التي سلمها ولد بده، مكونة من 8 حجر دراسية، والحُجرُ عبارة عن حاويات مطلية بالسواد -ربما إشارة لتاريخ من الفساد وسوء التسيير- بكل حجرة مقاعد خشبية عتيقة، وسبورة بيضاء، يتوسط الحجرات علم وطني منصوب على صخرة، ربما رصدت لها ميزانية هي الأخرى، وفي باحة "مدرسة الحاويات" شجيرات وحشائش وأحراش من بقايا مكونة البيئة.
بالطبع لم تلق المدرسة ولافكرتها بعد التنفيذ إشادة من الوزير الأول ولاترحيبا بالنهب الواضح لميزانيتها، وأول ردة فعل له كانت كتابة "بسم الله الرحمن الرحيم" وهي على فهم كثير من المتابعين بسلملة جراء الصدمة من الحدث.
تنفذ المندوبية في مكونة البنية التحتية التعليمية ضمن البرنامج الاستعجالي لتنمية نواكشوط 458 قاعة دراسية موزعة على 120 مؤسسة تعليمية، من بينها 41 مؤسسة جديدة، و28 عملية توسعة، و51 عملية تأهيل، موزعة على سبع مقاطعات بولاية نواكشوط، هي: توجنين، الرياض، السبخة، عرفات، الميناء، دار النعيم، وتيارت.
لم يجامل الوزير الأول ولد بده أمام الصحافة ومرافقيه، فخاطبه بلغة تهديد: " تأخرتم في تشييد مدرسة في منطقة وارف بالميناء بنسبة 5%، وتتأخرون هنا في هذه المدرسة، لتكونوا أكثر جدية، (حَدْ يعرفْ شي لرَاسُ)، مازالت لديكم 50 مدرسة تتأخر أشغالها".
عام 2020 عين الرئيس محمد الغزواني، الشيخ ولد بده مديرا لشركة الكهرباء صوملك، وهو المنصب الذي شغله حتى عام 2024 حين تم تعيينه مستشارا برئاسة الجمهورية.
يرتبط اسم ولد بده إلى حد بعيد مع الفساد وسوء التسيير الذي كشفه تقرير محكمة الحسابات قبل أيام وسلم للرئيس محمد الغزواني وبدأت المحكمة استدعاء الضالعين فيه.
كشف تقرير المحكمة عن اختلالات بالجملة، وخسائر بمليارات الأوقية في الشركة أيام تسيير ولد بده لها، مؤكدا عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها"، حيث إن نسب الأموال الذاتية مقارنة مع مجموع الخصوم شهدت تدنيا ملحوظا مما قد يعرّضها لمخاطر الإفلاس، وقد بلغت هذه النسب 21% سنة 2021 و%11 سنة 2022.
وكشف التقرير الرسمي ارتفاع مديونية الشركة ارتفاعا كبيرا وهائلا، حيث وصل إلى نسبة 385% سنة 2021، و800% سنة 2022، منبها إلى أن ذلك يجعل من الصعوبة بمكان الحصول على ثقة الممولين، من خلال منح تمويلات جديدة.
كما كشف التقرير عن معاناة شركة الكهرباء جراء عجز حاد في السيولة، منبها إلى أن الأصول المتداولة لا تكفي لتغطية الديون قصيرة الأجل، وقد تراجعت نسبة السيولة العامة من 87% سنة 2021، إلى 64% سنة 2022.
فيما وصلت نسب الأصول المتداولة دون احتساب المخزون مقارنة بالديون قصيرة الأجل 73%، سنة2021، و53% سنة 2022، بينما وصلت نسب السيولة الآنية (المتوفرات مقارنة بالديون قصيرة الأجل) إلى مستويات متدنية جدا، بلغت 7% سنة 2021، و4% 2022 مما ينذر بخطر التوقف عن التسديد.
تهم الفساد التي تلاحق الرجل أيام تسييره لشركة صوملك، استنسخها في تسيير المندوبية وبدت ممارساته مكشوفة خاصة في رفع التكلفة المالية للمنشئات التي تتولى مندوبيته تنفيذها.