هل المكتب الإعلامي ل رئاسة الجمهورية الإسلامية الموريتانية يخدم رئيس الجمهورية أم يعزله عن الشعب؟
تثير طريقة تعامل المكتب الإعلامي للرئاسة مع الإعلام الخاص تساؤلات جدية حول دوره الحقيقي: هل هو جسر للتواصل بين رئيس الجمهورية والمواطنين، أم أداة تعزل الرئيس عن نبض الشارع؟ قرار منع وسائل الإعلام الخصوصية من تغطية نشاط وضع رئيس الجمهورية للحجر الأساس لمشروع تقوية تأمين مياه نواكشوط يكشف عن أزمة عميقة في فهم دور الإعلام في ترسيخ الديمقراطية وتعزيز الشفافية.
هذا الإقصاء الممنهج للإعلام الخصوصي، الذي يعد شريكا محوريا في نقل هموم المواطنين وآمالهم، يتناقض مع تصريحات الحكومة بشأن تنظيم قطاع الإعلام ودعمه. فما قيمة "صندوق دعم الصحافة" وغيره من المبادرات إذا كان الإعلام الخاص يُستبعد من التغطيات الرسمية؟ إن تجاهل المكتب الإعلامي للرئاسة لهذا القطاع لا يخدم إلا في تعميق الفجوة بين السلطة والمجتمع، ويضع الرئيس في دائرة مغلقة من الأصوات التي تعكس وجهة نظر واحدة، مما قد يؤدي إلى قرارات غير مستنيرة مبنية على صورة مشوهة للواقع.
من المفترض أن يتمثل الدور الطبيعي للمكتب الإعلامي للرئاسة في تعزيز الشفافية وتوسيع دائرة التغطية الإعلامية لتشمل جميع الوسائل الإعلامية، بغض النظر عن ملكيتها. فمن خلال فتح الأبواب للإعلام بكافة اصنافه ، يضمن المكتب الإعلامي تحقيق توازن في نقل الأحداث وإبراز مختلف وجهات النظر، ما يعكس الصورة الحقيقية للتطورات ويعزز ثقة الشعب في مؤسسات الدولة.
لكن، على ما يبدو، يفضل المكتب الإعلامي العمل بأسلوب يعيدنا إلى عصور التحكم الأحادي في الإعلام، إذ يتم احتكار السردية الرسمية من قبل وسائل الإعلام العمومي فقط. هذا النهج لا يضر فقط بمصداقية المكتب الإعلامي نفسه، بل يمتد ضرره إلى صورة الرئاسة ككل، مما يوحي بأنها بعيدة عن الشعب وغير منفتحة على النقد أو التعددية في الرأي.
لا شك أن إصلاح هذا الوضع يتطلب إعادة النظر في آليات عمل المكتب الإعلامي للرئاسة، بحيث يصبح أداة لدمج الإعلام الخاص والعام في منظومة وطنية واحدة، تحقق هدف إيصال صوت المواطن إلى السلطة، وصوت السلطة إلى المواطن. فقط من خلال هذا التوازن يمكن للرئيس أن يبقى متصلا بنبض الشعب، بعيدا عن العزلة التي يفرضها أسلوب عمل المكتب الإعلامي الحالي.
🖊️محمدصالح محمد الامين