هل انتهى.. عصر الكتاب؟

جمعة, 02/26/2021 - 11:04

زمان، ليس بعيداً، كانت القراءة هى أهم الهوايات: للجنسين!! ولذلك وجدنا- زمان أيضاًَ- مكتبات عامة فى معظم مدن مصر.. إما مكتبة البلدية، عندما كانت عندنا بلديات تقدم الخدمة المتكاملة.. ووجدنا فى كل مدرسة ابتدائية وثانوية مكتبة عامة.. بل كانت هناك «حصة للمكتبة» وجماعة المكتبة، وعندما عرفنا الجامعة الشعبية فى المدن الكبرى، وجدنا فيها مكتبات عامة.. شهيرة عامرة بالكتب وكنت وأنا طالب بدمياط الثانوية، لم أكتف بمكتبة المدرسة.. لذلك ذهبت كثيراً إلى مكتبة المعهد الدينى بدمياط وكانت عامرة بمجموعات نادرة من المخطوطات وأمهات الكتب أيامها.

وعندما التحقت بجامعة القاهرة عام 1957 كنت أفضل الذهاب إلى المكتبة العامة أكثر مما كنت أتسكع فى بوفية كلية الآداب، وهناك عرفت أمهات الكتب والمراجع ودوائر المعارف.. وكثيراً ما دخلت دار الكتب فى باب الخلق أنهل مما فيها من ذخيرة ثقافية، بل ذهبت مراراً إلى مكتبة الوثائق بالقلعة.. بحثاً عن مجلدات الصحف القديمة التى عرفتها مصر منذ أواخر القرن الـ19 إلى أوائل القرن الـ20.

الآن تغيرت الصورة.. نعم صارت لى مكتبتى الخاصة.. التى أراها ليست موجودة عند كثير من الصحفيين، ولكنى أسأل: كم واحدا يذهب إلى المكتبة العامة الآن؟ وإذا ذهب مرة فى الأسبوع.. فهل يكرر هذه الزيارة فى الشهر؟! بل كم طالبا يذهب الآن إلى مكتبة كلية أو جامعة.. بل هل مازالت عندنا مكتبة عامة فى كل مدرسة، كما كان فى عصرنا؟ وكم طالبا يدخلها؟.. بل كم طالبا يشترى كتاباً واحداً فى العام الطويل العريض؟.. وكم واحدا منهم يذهب إلى المكتبة؟.. وكم منهم من يسرع إلى الكافيتريا أو الكافيه.. وكم ينفق على شراء الكتب.. وكم يدفع لكارت المحمول أو ينفق على الشيشة؟.

هل تغير الناس؟.. ولا تقولوا لنا: يحصلون على المعرفة من جوجل أو من الفيس بوك.. وكم واحدا منهم لمس- مجرد لمس- دائرة المعارف البريطانية أو الأمريكية؟.. وهل سمع عن كتب المراجع بينما كانت الكتب هى زينة كل بيت زمان؟.

وبالطبع هذا انعكس على دور النشر واسألوا كم تنشر الدار المصرية اللبنانية كتباً فى العام؟.. وكم نشرت دار الشروق أو مطبعة مصر أو دار المعارف؟.

أكاد أرى أن السفير عبدالرؤوف الريدى هو آخر الصامدين من خلال إشرافه على سلسلة مكتبات كبرى فى مصر بالقاهرة وحتى دمياط والجيزة.. ويا حسرتى على شباب لا يقرأون وإن قرأوا.. لا يفقهون إلا قليلاً.. فهل انتهى عصر الكتاب الورقى؟!.

عباس الطرابيلي