لا تحتاج الطهارة والصلاة لكل هذا التعقيد....(فيديو)

ثلاثاء, 03/29/2016 - 08:32

السؤال : عندي استفسار، وهو أني ابتليت بوسواس شديد، بعد قراءتي لبعض الفتاوى، فذهبت إلى مختص نفسي، وحينما أخبرته بالفتاوى، ظن أنني أبالغ، وقال: إن المسلمين لا يدققون في أمر الطهارة؛ لأن هذا من فعل اليهود، وحينما قرأها أستغرب هو أيضًا، فقد قرأت أنه لا تجوز الصلاة بالنجاسة، ولو كانت كرؤوس الدبابيس، أو أقدام الذباب، أو حتى لو لم يدركها الطرف، وتنتقل بالرطوبة ... وأن الجمهور على هذا. وقرأت أيضًا كلامًا لابن قدامة: أنه لا فرق بين ما يدركه الطرف، وما لا يدركه الطرف، وفي نفس الوقت لا يحكم بالتنجيس، إلا بيقين، فكيف أستيقن ما لا يدرك بالعين؟ فأي إحساس -ليس شكًّا، بل إحساس فعلًا- أثناء قضاء الحاجة في المنطقة السفلى، أحكم بنجاسته؛ لأني أقول: إنه في غالب الظن من الرذاذ. دورة المياه عندي كابوس مرعب، إلى درجة أنني لا أدخل الحمام إلا مرة في اليوم، وأحيانًا في اليومين، وفي أحيان كثيرة ينتهي ذهابي للحمام بالغسل الكامل، إضافة إلى ذلك، فأنا حينما أتبول -أكرمكم الله- أضع يدي حول مكان نزول البول، فأنظر في يدي، فأجد أثرًا للرذاذ، لكني مضطر أن أمسك أنبوب الماء بيدي التي أصابها الرذاذ، ثم مقبض الباب، ثم الصنبور بيدي، فأصبحت بمجرد أن أرى أهلي يمسكون مقبض الباب، أو الصنبور، أو الأنبوب، وأيديهم مبتلة، ثم يمسكون أي شيء آخر، أحكم بنجاسته، رغم أن النجاسة ليس لها أثر من لون، أو ريح، لكن قد تكون مما لا يدركه الطرف، فأخشى أن أكون داخلًا في حديث القبرين؛ فأصبحت أشياء حولي كثيرة أراها نجسة؛ مما جعلني في حرج وضيق، وأدخلني في أبواب الوسواس كلها من وضوء وصلاة، فالوضوء يأخذ معي ساعة وأكثر أحيانًا، والصلاة لا أكاد أدخلها، وإن دخلتها أخرج منها وأنا أشعر بالدوخة من الشد والتوتر، وتكرار الأذكار بسبب أني أخطئ فعلًا من شدة التوتر، هذا بالإضافة إلى قطع الصلاة؛ لأني أدخل الصلاة بنية مترددة بسبب خوفي من قطع الصلاة، وأنا الآن أتعالج بحبوب خاصة للوسواس. إضافة إلى ذلك، فحينما أقول: إنني سأمضي في صلاتي، ولن ألتفت للشك ما دام ليس يقينًا، فإنني سوف أقضي وقتًا في التفكير هل ما مر معي شك أم يقين على كل شيء، هذا غير أنني أخطئ فعلًا بسبب التوتر العصبي، والشد، وأعيد إلى أن تخرج الكلمات صحيحة، مع العلم أن المختص يقول: صَلِّ ولو أخطأت، مهما كان الخطأ والقطع، في حالتي، بتغيير مكاني؛ لأن هذا هو العلاج ، فهل هذا الكلام عليه دليل واضح، إلى درجة التطهر من أقدام الذباب، ورؤوس الدبابيس، أو حتى الذي لا يُرى؟ وكيف كان الرسول صلى الله عليه وسلم، والصحابة يقضون الحاجة، ثم يستجمرون هل كانوا يتطهرون حتى من الذي لا يرى بالعين، أو الرذاذ؟ أقصد أنه لا يحضر الماء من الأصل عندما يريد الاستجمار، فماذا لو أصابه رذاذ في غير محل المخرج، ماذا يفعل؟ وكيف يتحرز الإنسان في الوقت الحالي، في دورات المياه، وهي صلبة، ومصنوعة من الخزف، وليست لينة؟ وهل يلزمني غسل كل ما لمسه أهلي وأيديهم مبتلة، بعد لمسهم الأنبوب، أو الصنبور؟ وكنت سابقًا لا ألقي له بالًا، وحينما قرأت هذا وقع في نفسي، فالذي كنت أحتقره وأعتبره تافهًا ووسواسًا سابقًا، بعد قراءتي للفتوى أصبحت آخذه على محمل الأهمية القصوى.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فاعلم -عافاك الله- أنه لا علاج للوساوس سوى الإعراض عنها، وعدم الالتفات إليها، ففي أي صورة عرضت لك الوساوس، وفي أي باب تمثلت لك فلا بد من مدافعتها، واطراحها؛ فإن الاسترسال مع هذه الوساوس يفضي إلى شر عظيم، وانظر لبيان كيفية علاج الوساوس، الفتوى رقم: 51601 ورقم: 134196.

 واعلم أن الأصل في الأشياء الطهارة، والأصل عند الشك في تنجس شيء، أنه لم يتنجس، فابنِ على هذا الأصل، واستصحبه، ولا تلتفت إلى غيره، فمهما شككت في وجود النجاسة، فالأصل عدمها، وما تيقنته من النجاسات، فإن تطهيره سهل جدًّا، ويحصل ذلك بأن تصب عليه الماء حتى تغمر به موضع النجاسة، ويكفي هذا في التطهير، والاستنجاء يكفي فيه غلبة الظن، كما بين ذلك العلماء، وانظر الفتوى رقم: 132194.

  فاقضِ حاجتك بصورة طبيعية، ثم استنجِ غير مبالغ، ولا متنطع، فإذا غلب على ظنك زوال النجاسة، فقم لشأنك، وتوضأ بصورة عادية، ولا تغسل العضو أكثر من ثلاث مرات، مهما وسوس لك الشيطان أنك لم تستوعب غسله، وصلِّ بصورة عادية، تقرأ قراءة سهلة غير معقدة، ولا متكلفة، فإذا وسوس لك الشيطان أنك لم تخرج الحرف من مخرجه، أو لم تأتِ به على وجهه، فدعك من هذا كله، وامضِ في صلاتك، ولا تُعِد وضوءًا ولا صلاة.

وبخصوص النجاسات، فإن كثيرًا من أهل العلم ذهب إلى العفو عن يسير النجاسات مطلقًا، كما هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- ولا حرج عليك في العمل بهذا القول، ما دام الحال كما وصفت، وانظر الفتوى رقم: 181305.

 واستمر في العلاج، واتبع نصائح الطبيب حتى يشفيك الله تعالى من هذا الداء -نسأل الله لك الشفاء، والعافية-.

والله أعلم.