الحزب الحاكم و السباحة عكس التيار / الأستاذ: إسلمو أحمد سالم

ثلاثاء, 07/20/2021 - 09:22

اختيار قيادة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية كانت في ظروف استثنائية ، فقد تم انتخابها، في فترة لازال الخطاب السائد هو " مواصلة النهج" و لازال المسؤولون يكررون أن النظام هو استمرار للنظام الذي سبقه ، و ظلت نفس الأوجه التي كانت تحيط بالنظام السابق سياسيا و تنفيذيا  في الصدارة ، بل برز من بينها متهمون بالفساد  مشمولون مع الرئيس السابق ، يتضح من خلال ملف التحقيق و الإجراءات القضائية أنهم وصلوا مرحلة يتحتم فيها إجراء محاكمات .

كان تعاطي قيادية الحزب مع ملف الفساد عكس التيار ، عندما صرح "مهندس عملياته" أن الحزب يبغي أن يدافع عن المتهمين من أعضائه حتى تتم تبرئتهم أو إدانتهم..

و خلال المراحل اللاحقة كان المشمولون في الصفوف الأمامية من كل النشاطات ، بل ظهروا مكلفين بمهام،  و كل ذلك كان على حساب صورة الحزب عند الرأي العام الوطني الذي يصبو للتغيير ، و صورة السلطة التنفيذية التي يعتبر الحزب الجناح السياسي الداعم لها..

جميع الورشات و الأيام التفكرية التي تحدث الحزب عنها لم نر لها مخرجات تم تناولها في الإعلام ، فما الذي توصل إليه الحزب كمقترح حول "الوحدة الوطنية"، و ما الذي قدمه كتصور للقضاء على "مخلفات الرق"  ، غقد اتضح أن قيادة الحزب  لا تملك رؤية ،و لا استراتيجية واضحة للتعاطي السياسي،  و إنما تقوم بإرهاصات  ذات طابع ارتجالي لتبيان أن الحزب يقوم بنشاطات ، ثم تخبو الحركة بعد سلسلة من الصور و اللقاءات و الخطابات الجوفاء ، دون مصاحبة إعلامية جادة ،أو استغلال مسؤول  و مقنع  للإعلام من أجل تقديم صورة تتماشى و طموح السلطة التنفيذية ..

و يرى المراقبون أن الدور الذي يبدو أن قيادة الحزب تركز عليه هو محاولة تبيض وجوه العشرية و تقديمها للرأي العام في تحدي واضح لمشاعر المواطنين الذين ينتظرون أن تسفر المحاكمات عن استعادة الأموال و محاسبة المفسدين ، و الأهم من ذلك كله خلق رادع مستقبلي يعرف كل مسؤول من خلاله أنه ستتم محاسبته و معاقبته. 

 تابعت أول أمس اجتماع المكتب التنفيذي للحزب ، و بدا و كأنه فرصة لتمرير صور المشمولين أمام الناس ، و لم يخرج الخطاب عن ديماغوجيته المعهودة التي تتحدث عن المرجعية و دعم برنامج رئيس الجمهورية و ذكر الرحلات و التنقلات ، و لكننا لا نعلم كيف جسد الحزب هذه المرجعية، و لا كيف قدم الدعم و لا المقترحات التي قدم للحكومة من خلال ورشاته و لقاءات .

هزات كبيرة تعرض لها البلد و لم تلحظ دورا الحزب فيها ، ففي المجال الأمني ظل الحزب في حالة سبات و السلطات الأمنية تصارع من أجل تأمين المواطنين و الساحة الإعلامية تجع بالشائعات التي تريد من خلالها جهات معينة ترويع المواطنين ، حتى إذا وصلنا إلى حالة من الاطمئنان خرج الحزب بنقطة صحفية خجولة خارج العاصمة ليتحدث عن الأمن و الشائعات.

و عندما قرر رئيس الجمهورية زيارة الضفة لإطلاق مشاريع تنموية لصالح البلد ، انطلاقا من رؤية واضحة بضرورة ضمان الاكتفاء في مجال الغذاء ، انطلقت كرنفالات قيادة الحزب إلى الولاية تحت شعار "إنجاح الزيارة" و قد تبين أن الإنجاح في مفهوم قيادة الحزب هو الحشد و اللافتات و السيارات و حجب الوفد عن المستهدفين ، فضلا عن أعباء الضيافة و المهرجانات الفارغة و التي لم تتحدث عن المقدرات الزراعية للضفة و لا عن ضرورة الاستثمار في الزراعة،  و لا عن الأمن الغذائي و ارتباطه باستقلال البلد الاقتصادي. 

أعتقد أن الرئيس الجمهورية وصل لقناعة راسخة بأن ثلاثة أشياء لم تعد تصلح لتطبيق برنامجه الذي وثق به الشعب : 

- أن أغلبية الأدوات التنفيذية للنظام السابقة لا تستطيع مواكبة البرنامج، و مسح الطاولة بها سيغير من عقلية المواطن و يخلق شعورا بجدية البرنامج، مما سيدفع المسؤولين الجدد و المواطنين إلى خلق حالة من التعبئة في من أجل تنمية البلد .

- أن البرلمان الحالي ، الذي وقع أغلبه على المأمورية الثالثة ، و يمضي أغلبه جل أوقاته في حركة بين القطاعات للبحث عن زبونية أو مهام خصوصية،  لا يمكن أن يعتمد عليه كسلطة تراقب و تقترح و تحاسب ..

- أن الحزب الحاكم بحاجة إلى إعادة ترميم بإزالة نقاط الضعف و تنقيته من الأوجه الممجوجة ، و تلك التي يتم تسييرها عن بعد ، و ذلك من أجل خلق إطار سياسي مقنع له رؤية ، و تتمتع قيادته بالكفاءة اللازمة لتلبية طموح رئيس الجمهورية و رغبة المنتسبين الذين يؤمنون بهذا الوطن ..

أعتقد أن أي برنامج محل ثقة يتطلب أدوات تنفيذ و أدوات رقابة و أدوات دعم ذات مصداقية و كفاءة يعتمد عليها ..