تعيد هذه الشهادة "ليلة الدبابات والدماء: شهادتي على المحاولة الانقلابية الأكثر دموية في تاريخ موريتانيا في 8 يونيو 2003"، سرد الساعات المظلمة من ليلة اهتزت فيها الجمهورية تحت وطأة الدبابات وصوت الرصاص.
ليلة سيسجلها التاريخ كأعنف محاولة للإطاحة بالسلطة في موريتانيا. كانت الساعة الواحدة صباحًا بالضبط، في ذلك الأحد الموافق 8 يونيو 2003. كانت نواكشوط نائمة نوماً غريباً وثقيلاً. كنت أقود سيارتي برفقة بعض الأصدقاء الذين كان علي أن أوصلهم إلى حي "إيلو سي"، حي الرئاسة. كانت الشوارع شبه مهجورة، والمدينة صامتة، وكأنها متجمدة في انتظار مقلق.
عند مروري أمام مديرية الميزانية، مقابل الجامعة، لمحت من بعيد كتلة ضخمة. في البداية، اعتقدت أنها شاحنة، لكن كلما اقتربت، أدركت أنها دبابة، وعلى متنها جندي مسلح يقف في أعلاها، يتقدم ببطء في اتجاهي.
كان المشهد غير واقعي، لكنني واصلت طريقي، أوصلت أصدقائي، ثم توقفت لحظة في السيارة لأراقب ما يحدث. حينها، ظهرت طائرة في السماء، تحلق فوق القصر الرئاسي. شاهدت أضواء حمراء تنطلق من داخل القصر، بدا أنها تستهدف الطائرة. أدركت فوراً أن شيئاً خطيراً يحدث. اتصلت فوراً بوالدي الذي كان آنذاك مديراً للتشريفات لدى الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع — لأخبره بما رأيته.
وبعد ذلك، توقفت أمام منزل المفوض السابق عبدات ولد سني، حيث التقيت ابنه، برفقة أخي، ابن أعل ولد محمد فال، الذي كان آنذاك المدير العام للأمن الوطني. تبادلنا بالكاد بضع كلمات — كنت أنوي العودة إلى منزل العائلة.
ولكن سرعان ما تلقى ابن المدير العام مكالمة هاتفية ملحة: كان عليه العودة فوراً إلى منزله بسبب تدهور الوضع الأمني. اقترح علي مرافقته، فقبلت. وصلنا بسرعة إلى المنزل — كان قريباً جداً — وصعدنا إلى غرفته. في تلك اللحظة، اتصلت بوالدي مرة أخرى لأخبره أنني في منزل أعل ولد محمد فال. أجابني بحزم: "لا تتحرك خطوة واحدة. ابقَ حيث أنت." قضيت بقية الليل مستيقظاً، واقفاً في الشرفة، أراقب التحركات العسكرية في الحي. كانت الدبابات تتجول، والانفجارات تهز المدينة، وزخات النيران تضيء الليل.
كانت نواكشوط قد تحولت إلى منطقة حرب. كان والدي يتصل بي بشكل متكرر، قلقاً على سلامتي، ويكرر دائماً نفس التعليمات: لا تتحرك أبداً. عند الفجر، اقترح صديقي أن نصعد في السيارة.
كان السائق الخاص لأعل ولد محمد فال يقود السيارة، وكان المدير العام نفسه معنا. ثم أوصلنا السائق إلى منزل في حي لكصر، ثم واصل طريقه مع أعل. بقينا في مأمن طوال يوم 8 يونيو. بدأت الأخبار تتوالى: * العقيد محمد الأمين ولد انجيان، رئيس الأركان العامة للجيوش، لقي حتفه خلال الاشتباكات.
* أصيب النقيب محمد ولد لوداعه مباشرة بقذيفة دبابة. كان كل شيء عنفاً شديداً، ليلة من النار والدم. في اليوم التالي، أعلنت قناة الجزيرة رسمياً أن محاولة الانقلاب قد فشلت وأن السلطات استعادت السيطرة.
ما رأيته في تلك الليلة لم يكن مجرد اضطراب. لقد كان نقطة تحول في تاريخ موريتانيا. عاصمة سحقت تحت الدبابات، سماء ممزقة بالصواريخ، شوارع اجتاحتها الخوف. هذا الثامن من يونيو سيبقى، إلى الأبد، فجر صفحة مظلمة في ذاكرتنا الوطنية.
لحبيب ماء العينين التومي
* العنوان الاصلي : ليلة الدبابات والدماء: شهادتي على المحاولة الانقلابية الأكثر دموية في تاريخ موريتانيا في 8 يونيو 2003.