لماذا لا تعود عجائز الصحراء لارتداء"النكشة"؟

بواسطة وكالة الإعلام …

 أكثر ما افتقده، شخصيا، بالصحراء هي تلك الإضافة التي كانت تعمد الجدات إلى وضعها وشدها على الخصر بعد ارتداء الملحفة، والتي عادة ما تكون من "خنط" وقور، لا يتزعزع ولا يتعب من تلبسه بكثرة تعديله، صنف لا يتحرك من مكانه رغم كل العوامل الخارجية ورغم تقلب وسوء  الأحوال الجوية.

 

النكشة، هي قطعة ثوب غالبا ما تكون بيضاء أو مائلة إلى الزرقة، تطوى ويوضع داخل الطية، خيط مطاطي يعقد على وسط المرأة،ثم تسدل أطراف الثوب مشكلة تنورة فضفاضة.

 

 

في طفولتي، اقترنت دوما "النكشة" بالنساء العجائز و الكهلات، وظلت في عقلي الباطن لها فئة عمرية خاصة ترتديها، وعندما كبرت وتقدم بنا العمر، رأيتها على أجساد الصبيات لتأثيث المشهد في الأعراس وحفلات الزفاف فأستنكر شيء ما بداخلي المنظر.. لطالما اعتقدت أن "النگشة" حفظ لهيبة كبر السن وتحول العافية.

 

كنا نرى الجدات طوال الوقت بخير،  وكل منهن ترفل في "نكشة" تخفي ما فعل الدهر بأجسادهن، والرحيل ترافقه دائما مسوغاته، نحول وهزال السكري، تورم الأقدام وصعوبة المشي بفعل الروماتيزم، احتقان ما بعد اختلال الضغط،.. لم نكن لنحزر ما تخبئه "النكشة"، وهن لم يكن ليفشين ما يعتمل في دواخلهن، فهن حريصات على زخرفة  كل جملة بابتسامة، يخفضن أعينهن ويحمدن الخالق كلما سئلن عن الحال والأحوال.

 

كنا نودعهن ونحن لا نعرف ما أودى بحياتهن، لا نفهم ما فرط عقد الحكايات وقطع صبيب حنفية الطيبة والحنان، معقول أن تموت الجدة وهي لا زالت بخير!؟!، نعم. .كانت "النكشة" تخفي الكثير.

 

أما الآن، ومع تلاشي واندثار هذا اللبس التقليدي العزيز، فقد أصبحنا نضع الأيادي على قلوبنا كلما اشتكت الجدة من نزلة برد أو ارتفاع درجة الحرارة، لا يحول شيء بين أعيننا  وبين أجسادهن الواهنة الضعيفة، لم تعد "النكشة"حاضرة تحجب عنا ما فعلته عوامل الزمن، و ملاحف الكهلات لا تخفي أي سر..فهي شفافة جدا كقلوب الجدات.

 

نجاة حمص