سبع ملاحظات رئيسية لإنارة الرأي العام حول صفحة(الوجه الآخر لغزواني)

أربعاء, 01/16/2019 - 13:15

يكشف الاستقراء العام لتوقيت ومضامين (حجم الافتراءات والتلفيقات) المسوقة من قبل صفحة (غزوني الوجه الأخر)، عن وقوف جهات مشبوهة خلفها كما يفيد مجموعة من الدلالات والأبعاد نريد إنارة الرأي العام الوطني عامة والنخبة على وجه الخصوص بشأنها من خلال إيراد الملاحظات التالية:
1 ـ التنبيه الى حرص أصحاب الصفحة على إخفاء هويتهم الحقيقية وذلك باختيارهم اسما لا يشير إلى أي جهة أو شخص بعينه ناهيك عن مشروع سياسي أو اجتماعي هادف أو غير هادف، وهو  أمر يثير التساؤل حول هذه الجهة ويطرح ألف سؤال حول مدى مصداقيتها وأغراضها المبيتة ودواعي اختيارها التستر، وطبعا فإن حقيقة الانتصار للمجتمع والتوجه للدفاع عنه ـ كما تعلن عنه الصفحة ـ كان يستلزم مبدئيا ضرورة التصريح بالاسم لإظهار الجدية ومستوى المسؤولية الأخلاقية وكذا الاستعداد لدفع الثمن المترتب على تحملها والذي سيكون مروجا بقوة لمصداقيتها ولخطابها إذا كانت جهة مسئولة او كان ما تنشره صحيح أو مجمع عليه، وما نريد أن نصل إليه أن إعلان أصحاب الصفحة عن هويتهم كان سيزيد من مصداقية ما تنشر.. وفي المقابل يظل إخفاء هويتهم يطعن هذه المصداقية في الصميم، ونستفيد من كل ذلك أن حرص تلك الجهات على إخفاء هويتها يعود لإحساسها بعدم القدرة على الدفاع والإقناع بما تقول وبما يترتب عليه أن تهمها كانت ستفقد كل جدية او مصداقية عند التعرف على أصحابها والمحصلة لكل هذه الاستنتاجات أن كل ما نشر وسينشر من قبل الصفحة تلفيق في تلفيق. 
2 ـ تفيد نوعية التلفيقيات والتهم المغرضة المسوقة (من خلال الصفحة بالاستهداف الشخصي للمرشح في شرفه وسمعته) مستوى الحرج البالغ الذي تحسه الجهات السياسية التي تقف وراء الصفحة من المكانة السياسية للمترشح غزواني وما يحظى به من اعتبار راسخ  لدى النخبة والمدنيين والعسكريين نتيجة ما توفر عليه من معطيات انتخابية جاهزة محسوبة على داعميه من رئيس جمهورية وحزب حاكم وأحزاب أغلبية وبرلمانيين ووجهاء وأطر، وكذا حجم انزعاج هذه الجهات السياسية من مقدرات المرشح الذاتية التي تجعل حضوره كاسحا في تحصيل الاعتبار في الداخل والخارج، وهي الأمور التي اضطرت تلك الجهات إلى اللجوء إلى توظيف وسائل قذرة (الاستخدام المزدوج للتلفيق والتشهير) لمضاعفة التأثير السلبي الحاصل من وراء ذلك، والاهم هو إدراك تلك الجهات السياسية انها وسائل غير مكلفة (بل هي مجانية) وذلك نتيجة تقديرها الخاص بفداحة الثمن والإمكانات ـ والتي قطعا تعوزها ـ لاستمالة الناس عن المرشح في وضع طبيعي.
وفي نفس الإطار هذا الإطار دائما يأتي اختيار الجهات السياسية المذكورة المدروس لشكل الوسيلة التي ستروج تلفيقاتها لمعرفتها بما تتيحه وسائل التواصل الحديث من تخفي ومن قدرة على النشر من وإلى أي مكان من العالم وإيصال الرسائل عبرها في وقت قياسي، ودرايتها بانتشار استخدامها بين الموريتانيين وخصوصا الطبقات الشابة والمثقفة المتحمسة باندفاع في الالتفاف حول المرشح غزواني.
3 – أن التركيز على توظيف الشائعة للتأُثير على الموقف السياسي للموريتانيين في الداخل والخارج من المرشح هو نوع خطير وجديد لم تألفه الساحة السياسية الوطنية بهذا النوع والمستوى من قبل، وبما يفهم منه ان من يدير ويغذي  تلك الصفحة على الفيسبوك جهات مختصة في التعبئة الإعلامية المغرضة، وهنا خطورة الإعداد التي سجلت إعجابها بالصفحة وقررت مشاركتها والتي تربو على أزيد من 2900 شخص خلال 12 يوما فقط حيث مما يكشف فعالية الوسيلة والخطاب الموظفين في التضليل من قبل هذه الجهة .
4 – الجزم بأن يكون القائمون على الصفحة عناصر مأجورة لدى جهات أو إفراد سياسية معينة (ينبغي التحري جيدا قبل توجيه أي اتهام بشأنها) تعمل باستماتة وتشف ضد مرشح إجماع لبث سمومها، حيث نشير هنا إلى أن التسريب الصوتي لمزعوم بين المرشح والفتاة نشر في الساعة 6 صباحا مما يعني ان صاحبه اشتغل على فبركته لساعات طول ليل بأكمله ـ إن لم يكن لأيام عديدة ـ وكان حريصا على إطلاق الفبركة فور الانتهاء منها بسبب وجود تعاقد مع جهة سياسية معينة تراقبه وتلح عليه.
5 – التنبيه إلى أن وسائل جديدة مثل مجال الشائعة ووسائل التواصل الاجتماعية ستستخدم بشكل رئيسي من قبل بعض الجهات في المعركة الانتخابية المرتقبة للاستمالة والتعبئة والحشد بديلا عن تلك التقليدية كالبيانات والمهرجانات والمسيرات، وأن هناك توجه من قبل بعض الجهات المشاركة أو الداعمة لمرشحين رئاسيين للحط من مكانة الخصم السياسي المنافس بسوق تهم تتجاوز التهم المعروفة كالفساد والمحسوبية إلى النبش في الحياة الخاصة والى التشكيك في المقدرات والكفاءات والتجارب والاستقامة عبر التلفيق والفبركة.
6 ـ تقرير أن الأسلوب الموظف والرسالة المرسلة والذي يوحي بأنه يتم بشكل متدرج ومدروس وفق خطة مبيتة أخذا في الحسبان أن يكونا بطريقة تجعل الرد على ما يروجانه من تهم جزافية وتلفيقات مغرضة صعبا ومكلفا في مقابل بساطة الوسيلة ومجانية تكلفتها، يستلزم الاستنفار الكامل من قبل داعمي المرشح لمواجهته وتطويق آثاره وتحصين مناصريه وغيرهم ضده، كما يفرض الاستعداد المسبق للتعامل مع مستويات أعمق وأحط من هذا الخطاب الساقط وخصوصا في لحظات حاسمة ستكون هي الهدف الحقيقي له حيث نشير إلى أن كلما نراه الآن  من فبركة  وتلفيق مجرد ابروفات وتدريبات أولية سيكون لها ما بعدها(نذكر بأن الصفحة تعد بمضاعفة رسائلها المغرضة).
وفي هذا الإطار نقترح اعتماد إستراتيجية إعلامية شاملة لتوظيف مختلف الوسائل الإعلامية في الكسب والتحصين وتفنيد الأكاذيب وذلك بتوظيف مجمل امكانات الوسائل التقليدية وغير التقليدية منها الموظفة في الاتصال والتواصل لتحقيق هذا الهدف .
7 ـ معرفة أن البحث عن الجهة التي تقف وراء الصفحة (والذي ينبغي أن يقدم الإجابة القاطعة وغير الظنية عن التساؤل الأول في التحقيق الجنائي بخصوص المستفيد الأهم من هذه التلفيقات) سيكون مفتاحه الرئيسي هو تحديد هوية السيدة التي تتحدث ـ بصورة تعمد أصحاب الصفحة إظهارها المسرحي بها ـ إلى شخص آخر، ونحن نرجح فرضية أن تكون المرأة أجيرة أجنبية من الفضاء الحساني والصحراوي تحديدا بما نلاحظه من خلفية ترجح وقوفها على كوبري مرتفع لقوة الرياح الملاحظة، وكذا عدم تحفظها من الالتزام بالاحتشام في الشارع والفضاء العام من خلال التحفظ في ثيابها وهو معطى محتسب في تقاليد المجتمع الموريتاني مهما كانت أخلاقيات صاحبته بل نزيد ان التظاهر بالالتزام والمبالغة أحيانا بالتشبت بذلك يستخدم في التضليل والتعمية المقصودة من قبل هذا النوع الأخير.
  ونشير هنا إلى أننا نظل مع هذه السيدة أمام  أول شخص وأهم خيط يكشف عن نفسه في هذه المسرحية المنحطة سيئة الإخراج، وسنزيد بأن نقرر أن الاستقراء للفيديو يجزم بأنه مشهد تمثيلي جرى تسجيله وفق سيناريو مسبق، وأن المشرف عليه غاب عنه اخذ جميع الاحتياطات وبما يفيد انه غير مختص لينجح في  إحكام الحبكة الفنية لمشهده حيث نسمع ضحكات مكتومة واضحة حين ترديدها المقطع الأولي الذي تقحم فيه اسم المرشح، كما نسمع كلام المجيب عليها واضحا وقريبا من الكاميرا المصورة للمشهد وهو ما يعني ان صاحب الصوت الذي تحاول أن توحي المرأة بأنها تخاطبه من بعيد في الهاتف حاضر معها قرب المصور ما دام صوته مسموعا مثل صوتها في التسجيل، وإلا فلماذا نسمع صوت المجيب والمسافة بين المرأة والكاميرا لأخذ صورتها الكاملة تستوجب أن تكون الكاميرا على بعد 7 – 12م، كما يستلزم الاستنتاج أنها هي تستخدم ميكرفون مخفي حول رقبتها التي تحافظ على سترها وإلا بما ذا نفسر أن يكون صوتها واضحا بقوة وأكثر من صوت المجيب قرب المصور من هذه المسافة البعيدة نسبيا بينها وبين الكاميرا.
ولعل أهم لغز نكشف عنه هنا هو المطابقة بين صوت المرأة في الفيديو وصوت صاحبة التسجيل المفبرك المدعى بأنها فتاة تواعد المرشح مما يشي أن الأمر برمته (لكل من قرأ روايات دان براون) هو مجرد توظيف جديد لآلية التمثيل لاستهداف الخصوم السياسيين والتشهير بهم خصوصا في ظل وجود المعطى بجاهزية وسائل التواصل الاجتماعي لنشره على أوسع نطاق وبأسرع مما تفعل النار في الهشيم.
 محمد بابا موهدا
كاتب وصحفي