الشيخ ولد بايه..الصندوق الأسود للرئيس (تحليل)

خميس, 01/03/2019 - 09:35

   كان من أبرز طموحات ولد عبد العزيز ان يجد تلك الصيغة التي يمسك بموجبها العصى من الوسط.. فيحصل على حساب خصومه (وهم محبطون وفي غاية الضعف) ما يريد من أموال وامتيازات في وقت يترك فيه هامشا لمشاركة اخرين يختارهم لمساعدته في ذلك.. ويبدو ان الرئيس وظف لديه الشيخ ولد بايه كأبرز مستشار لبلورة هذه الصيغة والسعي لتطويرها وجعلها قابلة للتطبيق في اكثر من ميدان.. حيث جرى تطبيقها في اتفاق دكار وفي اجتذاب رضى الحكومات الغربية وتحصيل دعمها وابعادها عن المعارضة ، كما طبقت في اتفاقية الصيد 2015..وفي دحر وتجفيف الإرهاب (قبلت موريتانيا من اجل ذلك بدفع اتاوة للقاعدة لتمريرها كما كشفت وثائق بن لادن)، وفي مضاعفة التحصيل للضرائب، والحوارات المعلنة والسرية مع قوى وشخصيات معارضة بهدف اضعاف خصومه والتلاعب بهم.
وربما تفسر الملاحظات السابقة العلاقة الخاصة بين الرئيس وولد بايه، ولماذا يريد اليوم ان يورثه السلطة دون غيره من المقربين المصطنعين من الأغلبية والمعارضة بما فيهم الخلص الذين اختاروا ان يقفوا الى جانب الرئيس من مجموعة ولد الشيخ عبد الله في احرج لحظات الانقلاب، أو أولئك الذين حفظوا له حكمه من مدنيين وعسكريين وهو طريح الفراش ومبعد عن السلطة والقرار يتعالج في الخارج بعد تعرضه لرصاصة الطويلة.
 ولعل الاتفاق الذي ابرمه الشيخ ولد بايه مع الاوربيين يبقى ضربة المعلم التي لم يسبق اليها الرجل وابان فيها عن إمكاناته  كاملة  واسباب تعلق الرئيس به، وذلك لكونها كانت معبرة عن الاستراتيجية التي تحدثنا عنها سابقا للرجلين من عدة جوانب ابرزها :الامتيازات التي حصلها منها ولد بايه للدولة بمضاعفة المبلغ العائد مع تقليل الكمية المسموح بصيدها ورفع نسبة العمالة الموريتانية الى60% ، مع اجبار الاوربيين على التنازل عن نسبة2% من الكميات المصطادة لينشا بها عزيز شركة أسماك بهدف استغلالها لتحسين صورته الدعائية كـ "رئيس الفقراء" وهي التسمية التي نعتقد ان الشيخ يبقى مقترحها والمنظر لتوظيفاتها السابقة لتمرير الانقلاب وللنجاح في استحقاقات 2009.
كما تكشف صفقة الصيد جانبا مهما يتمثل في قناعة الرئيس بضرورة الاستمرار في الاحتفاظ بصاحبها يلعب دور المستشار الخفي للرئيس المبعد عن قصد عن الأضواء والانظار، والذي لم يعلن عنه بصفة مباشرة وقوية الا مؤخرا وفي خطوات تمهيدية لتوريثه السلطة لغاية استرجاعها منه .. وهي الخطوات التي بدأت بترشيحه عمدة لازويرات ثم رئيسا لرابطة عمد موريتانيا.. ثم تكرير نفس السيناريو في البرلمان من خلال ترشيحه كنائب قبل فرضه رئيسا للجمعية الوطنية.
وربما لكل تلك الأسباب مجتمعة ـ أيضا ـ اقتنع الرئيس بترك ولد بايه يمنح نفسه النسبة التي يريد من اتفاق الصيد مع الاوربيين والتي قبلتها الدولة دون نقاش.. كما قبل الرجل ان يجعله خليفته المرتقب وان يستغل عطلته الأسبوعية للخلوة معه من اجل استعراض حصيلة تطبيق الاستراتيجية التي جمعتمها معا وتعميق الطرح بنقلها الى مجالات جديدة ابرزها اليوم كيفية تامين المكتسبات التي حصلها الرجلان والاحتفاظ بالسلطة في أيديهما.
وفي الخلاصة فان التحليل يشير الى ان ولد بايه بالنسبة لعزيز هو أكثر من الصندوق الأسود الذي يحفظ أسرار السلطة التي مكنت لعزيز في موريتانيا والغرب.. حيث يمثل سر القوة المحجوب لدى الرئيس كما في قصة شمشون الذي كان يستمد قوته من شعره قبل ان تكشف دليله سره وتفشيه لأعدائه فيعمدوا الى حلق شعره ليتمكنوا من الانتقام منه حيث كان يتلاعب بهم (كما يتلاعب عزيز واكثر بالمعارضة) قبل كشف سره.
محمد باب محمد مختار