الأسباب التي جعلت فرنسا تزعزع إستقرار نظام عزيز (الإنذار الأخير)

ثلاثاء, 11/22/2016 - 07:24

يعرف كل الشعب الموريتاني أن فرنسا تتمتع بنفوذ قوي داخل موريتانيا شأنها شأن أغلب مستعمراتها السابقة إلا إن هذا النفوذ يصاب بفتور فى بعض الأحيان وهو ما ينجم عنه انقلاب فى الغلاب لتظل كل الانقلابات الناجحة برعاية فرنسية

وتظل فرنسا حاضرة فى التعامل والتعاطي مع حكام موريتانيا رافضة أي خطوة تمر دون علمها لكن التعامل معها يأخذ أبعاده من شخصيات الرؤساء وقوتهم ونفوذهم ما يجعل التباين واضحا فى مسار تلك العلاقات أو حتى الإملاءات فى بعض الأحيان

نماذج من تلك العلاقة بين السفراء ورؤساء موريتانيا :

1- مع بداية الاستقلال الفرنسي لم يكن بعض المسؤولين الفرنسيين قد سلم بسلطة المختار ولد داداه وعمل بعض هؤلاء على تقوية الخلاف الدائر يومها بين ولد داداه وأقاربه أهل الشيخ سيديا، ممثلين في الزعيم الكبير عبد الله ولد الشيخ سيديا الذي أبلغ هو الآخر الرئيس المختار بمخططات الفرنسيين، بادر ولد داداه بعد ذلك بطرد المسؤول المذكور بسرعة.

2- في آخر زيارة للرئيس المختار ولد داداه إلى أطار خاطبه السفير الفرنسي الذي كان مرافقا له في الرحلة : سأسافر إلى فرنسا وسيبقى ابني وزميله الذي سيأتيه من فرنسا يمكنك أن تتواصل معه إذا احتجت شيئا، حينها رأى بعض الحاضرين في ذلك رسالة معلنة بأن المختار قد انتهى حكمه فرنسيا على الأقل.

3- بعد الانقلاب العسكري في 10/8/1978 قرر الرئيس السابق المصطفى ولد محمد السالك باقتراح من عدد من الوزراء منح صفقة إنجاز مقاطع من طريق الأمل لشركة مندز الإيطالية ملغيا بذلك عقدا مع شركة فرنسية، احتجت فرنسا وأوفدت مدير الشركة ورئيس مجلس إدارتها، فرفض المصطفى لقاءهما وأحالهما إلى مستشاره القانوني اليدالي ولد الشيخ، فرفض الرجلان أيضا لقاءه، في طريقهما إلى المطار أبلغا بعض المسؤولين الموريتانيين بأن الرئيس جيسكار ديستيه لن يسكت عن هذه الإهانة بعد يومين قامت اللجنة العسكرية بتخيير ولد محمد السالك بين الإقالة التامة والسجن وبين التنازل عن صلاحياته للوزير الأول ووافق الرئيس ...

4- مع نهاية حكم ولد هيدالة وبعد أن قررت فرنسا سحب الثقة النهائية منه، اتصل به الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتراه ليطلب منه المشاركة في قمة بوجمبورا، ألح ميتراه على ولد هيداله، الذي اعتذر بأن الرئاسة لا تملك ثمن الوقود الكافي للرحلة، وهنا جاء الكرم الفرنسي سريعا حيث قررت فرنسا منح مبلغ 5 مليون فرنك فرنسي للرحلة التي انتهت بعودة ولد هيدالة إلى موريتانيا ونقله إلى سجن دام أربع سنوات، فيما تولى ولد الطايع الحكم؟ 5- كان ولد الطايع أكثر الرؤساء الموريتانيين قوة في تعامله مع فرنسا، حيث استطاع بسرعة التكيف مع الغطرسة الفرنسية حيث قام مرة بطرد جميع ضباطهم ومستشاريهم العسكريين والأمنيين في موريتانيا وذلك ردا على اعتقال الضابط اعل ولد الداه، كان الغضب الفرنسي على ولد الطايع يزداد فالرجل الذي جاء به الجنرال الفرنسي جانو لاكاز إلى الحكم، سرعان ما خرج إلى الحضن العراقي ومن الحضن العراقي إلى الحضن الصهيوني، مستبدلا الذي أدنى بالذي هو خير، وأخيرا قررت فرنسا أيضا الإطاحة به وإبعاده إلى خارج الحدود

6- في 2007 طلب السفير الفرنسي في نواكشوط لقاء الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله ليبلغه احتجاج فرنسا على ترخيص حزب تواصل الذي يضم عناصر أصولية وفق تعبيره، كان رد الرئيس حازما وقويا وأبلغ السفير بأن الحزب لا يضم عناصر إرهابية كما أن ترخيصه شأن داخلي، وبتلك الجملة عرف السفير أن اللقاء انتهى وخرج ...

لم تكن فرنسا راضية عن ولد الشيخ عبد الله بالقدر الكافي، ولهذا وجد السفير الفرنسي في انقلاب 2008 فرصة لتعزز فرنسا العميقة علاقاتها مع حكام موريتانيا الجدد.

7- بعد انقلاب 2008 سعى الرئيس ولد الشيخ عبد الله إلى تشكيل حكومة موازية لحكومة الانقلاب، نمت الأنباء بسرعة إلى السفارة الفرنسية عبر آذانها في الجبهة الوطنية، وقام السفير الفرنسي بزيارة الرئيس المطاح به في قرية لمدن وأبلغه بأن " فرنسا هي الضامن الوحيد لاستقرار موريتانيا وهي من أنشأتها من العدم ولن تقبل وجود حكومتين في هذا البلد، لكنها تتفهم نضال الرئيس المطاح به من أجل استعادة كرسيه" فهم الرئيس المطاح به الرسالة وأنشأ حكومة سرية من مناصب قليلة جدا ليس من بينها وزير للدفاع..

8- عندما جاء فرانسوا أولاند للحكم وصف نفسه بأنه رئيس عاد، وبالفعل كان رئيسا عاديا جدا بل دون المستوى القيادي الذي كان يمارسه سلفه ساركوزي، سمح الأمر لتيار فرانس أفريك بالتحكم جدا، كان التيار قد ربط علاقة قوية بالرئيس ولد عبد العزيز من خلال صديقه القديم محمد ولد بوعماتو، ومع توتر العلاقة بين الرجلين انحاز التيار المذكور إلى بوعماتو لتصل الأزمة إلى أبعد مستوياتها مع الحملة الإعلامية الفرنسية ضد موريتانيا ورئيسها محمد ولد عبد العزيز.

المصدر: السراج