شعار محاربة الفساد يتهاوى أمام الفضائح

أربعاء, 09/07/2016 - 19:18

لقد أعلن النظام الحالي شعار محاربة الفساد والمفسدين خلال حملته الانتخابية 2009 وظل يردد هذا الشعار في كل المهرجانات والتظاهرات في تلك الحملة إلى أن وصل إلى السلطة.

وتفاءل البعض من اطر ونخب ومواطنين عاديين بهذا الشعار واعتبروه بداية عهد جديد سيقضي على الفساد والمفسدين في هذه الدولة التي عانت خلال عقود من الزمن من هذه الظاهرة وتسببت في فقر هذا الشعب وتخلفه  وضعف الدولة وتأخرها، إلا أن هذا الشعور بالتفاؤل سرعان ما اختفى بعد  ما تبين للجميع ان الشعار مجرد مطية ركبها النظام من أجل الوصول للسلطة وليس حربا على الفساد بالمعنى الحقيقي،فقد فاجئنا هذا النظام عند ترئسه للبلاد بتعيين أوجه الفساد في عهد ولد الطايع وجعلهم في المناصب العليا، كما تمسك بسياسة القبلية والجهوية التي أعتمدها ولد الطايع خلال فترة حكمه،كما فاجئنا ايضا بالاعتماد على التعيينات بالوساطة والمحسوبية بدل الكفاءة والمهنية،وهذه كلها مؤشرات قوية على ان محاربة الفساد مجرد شعار وخدعة فقط

أما في ما يخص فضائح الفساد المتتالية التي تعودنا عليها طيلة حكم الجنرال فهي حدث ولا حرج، فما نكاد ننتهي من فضيحة اختفاء مليارات او سرقة ملايين أو إفلاس مؤسسة إلا وتطل علينا أخرى أقوى وأبشع منها.

ففي 2010 أطلت علينا  فضيحة مفوضية حقوق الإنسان والمجتمع المدني،وفي 2011 واجهت سفارتنا بتونس إستلاء على مداخلها  من العملة الصعبة، وفي 2012،تفاجئنا  بإفلاس مشروع السكر،وفي 2013  داهمنا النظام بصفقة السنوسي ، وفي 2014 تفاجئنا بإفلاس بنك موريس،وفي 2015أطل علينا ما يعرف بملف آكرا ،والمليارات التي سرقت من الخزينة وفي بداية 2016 تسربت فضيحة وزارة الداخلية وما يعرف بتزوير أوراق الانتخابات وفي نهايتها  هانحن على وقع فضيحة كبرى ومدوية وهي فضيحة سونمكس. فأين محاربة الفساد ياترى؟.

هذا باختصار شديد هو ملخص للقليل من فضائح الفساد المشهورة في عهد هذا النظام والتي لم يتمكنوا من التغطية عليها ، أما ما خفي فهو أعظم، .

كما أن نظاما يكافئ المفسدين بالتعيين ويقيل المحققين على الجدية والمهنية لا يمكن ان يقال عنه بأنه يحارب الفساد، فالحرب على الفساد تتطلب الكثير من الجدية والصرامة  في القرارات، كما أنها تتطلب ايضا مواجهة التدخل القبلي واستخدام النفوذ والوساطة والمصالحة مع المفسدين ، فهؤلائي تجب معاقبتهم بصدق وصرامة حتى يكونوا عبرة لغيرهم.

كما أن الفساد في عهده  طال جميع مؤسسات الدولة ولم يسلم منه أي قطاع، ولولا الفساد وتغلغله في مفاصل الدولة الموريتانية لكانت الدولة الآن في أحسن حال،لأننا لدينا ثروات طبيعية هائلة ومقدرات كبيرة ونحن شعب لا يتجاوز أربع ملايين نسمة،  فكيف نكون بهذا المستوى من الفقر وضعف الاقتصاد وتدني مستوى دخل الفرد وتأخر التنمية ورداءة الخدمات الصحية والتعليمية وتدني البنى التحتية الخدمية،إلا لسبب بسيط وهو الفساد المستشري  ، ولو تمت محاربة الفساد بصفة حقيقة وليست مزيفة  لما كنا على هذه الحالة المزرية التي نعيشها الآن للأسف

فنحن تحكمنا ثلة من المفسدين منذ عهد ولد الطايع وحتى الآن،همها الوحيد الثراء الفاحش على حساب الشعب المسكين،وإذا لم تصفى هذه الثلة فلن ينتهي الفساد،  بل سيزداد يوما بعد يوم،والدليل على ذلك هو ان هذه الجماعة ما منا إلا ويعرف منها أحدا أو أكثر،وحين ينظر إلىه يجده من الأثرياء وهو لم يرث هذا المال بل تحصل عليه من سرقة أموال هذا الشعب وعن طريق التعيين والوظائف المتعاقبة التي تقلدها، فنجد كل واحد منهم لديه المنازل الفخمة في تفرغ زينة والسيارات الفاخرة،والحسابات في البنوك في الداخل والخارج ، والحوانيت والأسواق التي يملكها، والبعض منهم يملك الفنادق والأوتلات  والإبل والبقر وغيرها من الممتلكات ، فلا يعقل أن يكون هذا الثراء من راتب بسيط ولو قضى صاحبه جميع حياته وهو يعمل ويترقى من وظيفة إلى أخرى ، وذلك لأن  أعلى راتب في الدولة بالكاد يكفي صاحبه لتغطية مصارفه العادية ، فمن أين له هذه الأموال ، لولا السرقة والتحايل والصفقات المشبوهة.

في النهاية شعار محاربة الفساد أصبح مكشوفا للجميع،ولن يخفى على أحد زيفه،فالمفسدون يتربعون على المناصب العليا في البلد بدون حساب ولا عقاب،وإذا ذهبت إلى القضاء لمتابعة ملف أحد هؤلاء المفسدين تجد أنه قد أخرج من السجن بحرية مؤقتة والقضية لم تتجاوز حكم ابتدائي ، بمعنى أنها قضية مفبركة فقط، فنحن نسمع في وسائل الإعلام لقد أحيل الموظف فلان بن فلان إلى السجن بتهمة الفساد وسرقة المال العام وحين نتابع القضية نجد صاحبها اخلي سبيله بحرية مؤقتة ولكنها حرية دائمة وإلى الأبد ونجد الملف قد أغلق ولم يتجاوز جلسة او جلستين.

هذه إذن هي محاربة الفساد في عهد ولد عبد العزيز وبطانته التي أطاحت بنظام ولد الطايع بسبب كذبها ونفاقها وتملقها وجرائم الفساد التي أعمت أعينها ولم تعد تبصر إلا لصفقة او مشروع والرجل لايهمها في شيء هو دولته وشعبه بل سخروه لعبتهم القذرة وهاهم الآن يريدون أن يوقعوا بهذا النظام وصاحبه ما فعلوا بولد الطايع ، هم جماعة أنانيون يريدون مصالحهم الشخصية فقط.

فكفانا يا جماعة من التمثيل والمسرحيات على هذا الشعب المسكين 55 عاما من السرقة والتحايل واكل المال العام وفي الأخير تعتبرون أنفسكم أبطالا وتحاربون الفساد، هذه سخرية ومهزلة كبيرة ، الجميع أصبح يعي ويعرف جيدا أن محاربة الفساد مجرد شعار ،الشعب يموت جوعا وقهرا وظلما ولن يستمر الوضع على هذه الحال لقد بلغ السيل الزبى فكفى كفى للصبر حدود.

دامت موريتانيا للجميع

د: مريم بنت حدمين باحثة في مجال القانون